الأربعاء، أبريل 14، 2010

مصر والتغيير القادم من قرغيزيا

مظاهرات قرغيزيا - الجزيرة
كلنا طبعا يتابع ما تنشره الأخبار المكتوبة والمرئية عن المعارضة القرغيزية وكيف أنها نجحت في إزاحة الرئيس باكييف ( الذي جائت به أصلا هذه المعارضة من 5 سنوات فقط ) .

من أراد مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع يمكنه البحث في أخبار جوجل .

البعض ذهب يفكر :

هل يمكن أن تتكرر هذه التجربة في مصر ؟

هل يمكن أن يتحرك الناس في الشارع من أجل تغيير رأس النظام المصري ؟

وهل ينجح مثل هذا التحرك لو تم ؟

في رأيي أنه لا يصلح لثلاثة عناصر هي المتسببة في التغيير .

العناصر الثلاثة للتغيير الشعبي هي :

قيادات المعارضة .

الشعب .

الشرطة والجيش .

في قرغيزيا :

توجد قيادات حقيقية يعرفها الناس ويلتحمون معهم ، ولا يكتفون بالجلوس في مكاتبهم وتوجيه الناس عبر البيانات والخطابات الحماسية .

الشعب القرغيزي يقبل أن يضحي من أجل هذا التغيير وعلى استعداد أن يموت منهم العشرات في الشارع دون أن يتراجعوا خطوة واحدة ودون أن يتنازلوا عن أدني قدر من مطالبهم .

الشرطة والجيش هناك يقفان على الحياد ، مهمتهم حماية الناس وحماية الممتلكات العامة والخاصة ، ولا يتدخلون في أي خلاف سياسي .

ولو نظرنا في أي تجربة مماثلة نجحت في إحداث تغيير فسوف نجد هذه العناصر الثلاثة متوفرة كلها .

في لبنان ومعتصمي ساحة رياض الصلح .

في تايلاند والمظاهرات ضد رئيس الوزراء .

وهكذا . . .

- - - - -

والسؤال الآن عن مصر :

ما مدى توفر هذه العناصر الثلاثة في الواقع السياسي المصري ؟

أولا : قيادة المعارضة :

الواقع أن المعارضة حتى الآن منقسمة على نفسها ومتصارعة مع بعضها البعض ، وفي كل الأحوال حتى الآن لم تنجح المعارضة المصرية في تقديم رموز مقنعة لعامة الناس يمكن لهم أن يلتفوا حولها ويساندوها في مطالباتها بالتغيير .

توجد بعض الرموز ولكن للأسف الشديد لا زالت على قدر من الضعف لا يسمح لها بأن توضع في مكان القيادة الشعبية التي تقود الناس للتغيير .

الدكتور أيمن نورالدكتور أيمن نور : مؤسس حزب الغد العائد بقوة من السجن ليطالب برئاسة الجمهورية مرة أخرى . بقي على انتخابات الرئاسة أقل من عام ورغم ذلك لم يوضح الدكتور حتى الآن كيف سيتخطى الموانع القانونية التي تمنعه من الترشح لرئاسة الجمهورية .

يقدم الدكتور أيمن نور نفسه كرمز سياسي يلتحم بالناس في الشارع بالفعل من خلال حملات طرق الأبواب ، واستطاع أن يثبت شعبيته أكثر من خلال تواجده في الشارع مع المتظاهرين يوم الثلاثاء 6 أبريل ، نعم كان حينها في مقر حزب الغد ولم ينزل إلى مظاهرة شباب 6 أبريل ، لكنه في النهاية كان بجوارهم .

الأستاذ حمدين صباحيالأستاذ حمدين صباحي : أعلن نفسه هو الآخر مرشحا للرئاسة ، ولكن حتى الآن لم يوضح برنامجه السياسي ولم يحدث له أي اتصال حقيقي بالشارع باستثناء المشاركة في يوم 6 أبريل .

الدكتور محمد البرادعي : لا يطرح نفسه (حتى الآن) كمرشح للرئاسة ، وما زال يلفه كثير من الغموض حول العديد من القضايا المحورية : المادة الثانية من الدستور ، التعامل مع الكيان الصهيوني ، وغيرها من القضايا .

الدكتور محمد البرادعي وحتى إن كان البرادعي قد نجح في أن يجمع حوله العديد من الرموز والقيادات الوطنية ( معظمها غير حزبي حتى الأن ) إلا أنه خسر كثيرا بعدم نزوله الشارع مع الشباب يوم 6 أبريل رغم أنهم لم يطالبوا بما يختلف ولو قليلا مع ما يطالب به الدكتور البرادعي ومن معه ، وخسر البرادعي أكثر بتعليقه على الحدث الذي لم يكن أكثر من تصريح على هامش أحد لقاءاته مع المثقفين والحقوقيين ، وتسبب في خسارة أكثر له ذلك البيان الذي صدر عن الحملة المستقلة لترشيح البرادعي للرئاسة 2011 عن نزول الشباب للشارع ، البيان صدر بعد القبض على أكثر من 90 شاب وفتاة يومها ، وصدر ليصف هذا التحرك من الشباب بأنه تحرك صبياني من مجموعة من الشباب الذين لم يدرسوا الواقع السياسي جيدا .

شعار جماعة الإخوان المسلمين الإخوان المسلمون : حتى الآن ما زال على جماعة الإخوان أن يبذلوا الكثير من الجهد حتى يستطيعوا أن يقنعوا الناس أن يضعوهم في موضع القيادة للتغيير .

المحصلة أنه حتى الآن لا توجد رموز حقيقية يمكن أن يلتف حولها الناس في الشارع ليقودوها نحو التغيير .

- - - - -

ثانيا : الشعب المصري :

رغم حاله الذي يتحرك دائما من سئ إلى أسوأ منذ خمسين عاما إلا أن الغريب أن الشعب المصري في معظمه لا يقبل أن يتحرك من أجل المطالبة بالتغيير ، وإن طالب بهذا التغيير فهو ليس حتى الآن على استعداد للتضحية من أجل هذه المطالب .

يكفي أن يموت واحد فقط في الشارع ليكون هذا مبررا للجميع للهروب إلى بيوتهم والتراجع عن كل ما يطالبون به من حقوق .

والمطلوب من كل الموجودين في مصر أفرادا وجماعات قبل أن يتحركوا في مطالبة (جدية) بالتغيير أن يتحركوا أولا في إطار وبهدف تعليم الناس كيف تثبت على مطالبها وكيف تطالب بحقوقها وكيف تقبل هذه الجماهير أن تضحي بكل ما لديها إلى أن يتحقق لها ذلك التغيير الذي تطالب به .

- - - - -

ثالثا : الشرطة والجيش :

دون خوض في كثير من التفاصيل التي يعلمها الجماهير ، فإن أي مقارنة ولو بسيطة بين الواقع المصري والواقع القرغيزي أو التايلاندي أو حتى اللبناني يمكن أن نستنتج منه أنه في كل هذه الدول ظلت الأجهزة الأمنية المدنية والمسلحة بعيدة كل البعد عن الوضع السياسي ولا تتدخل فيه .

ولكن الواقع هنا في مصر أن الشرطة والجيش كلاهما ليس أكثر من مجرد أداة بيد النظام الحاكم يهاجم بها أعدائه ومعارضيه .

لهذه الأسباب - في رأيي - ما زال أمامنا المزيد من الوقت والجهد الذي ينبغي أن يُبذل قبل أن نفكر في اللجوء إلى الطريقة التايلاندية والقرغيزية في التغيير .

الخميس، أبريل 08، 2010

أستاذي وصديقي المميز

قابلته كثيرا ، ولكن اللقاء الذي يعتبر الأول فعلا كان بعد لقاءات كثيرة عابرة ، كان ذلك يوم جنازة الشيخ ماهر عقل عليه رحمة الله .

يومها ذهبت مع اثنين من إخواني في سيارة أحدهما إلى كفر صقر بلد الشيخ لنصلي العصر والجنازة هناك .

في الطريق جاورنا أستاذي بسيارته وطلب مني أن أنزل أنا بالذات لأركب معه لأنه يريدني ليتحدث معي .

كنت حينها أكتب في مقالات النقد العلني على المدونة ، وحينها وجدث الدكتور يحاورني كأنه هو الذي كتب هذه المقالات ويناقشني في تفاصيل ربما لم أنتبه إليها من قبل بين سطور ما كتبته من مقالات حول هذه القضية .

تحدثت معه يومها عن فلسطين وعن أمواج التغيير وتحدثنا كثيرا عن الإخوان ، وفي النهاية اكتشفت أننا – كالعادة – لم نكن نتحدث ، وإنما كان يستمع فقط .

يوما من الأيام كان عندي مشكلة ما واتصلت به وطلبت أن أقابله فأعطاني موعدا في عيادته الساعة 11:00 مساءا ، وصلت إلى العيادة الساعة 11:10 متأخرا عن موعدي 10 دقائق فقط لأجده قد أغلق العيادة وانصرف لأني لم ألتزم بالموعد المحدد . . الطريف أنني حين اتصلت به لأعتذر عن عدم التزامي بالموعد المتفق عليه وجدته يبادرني هو بالاعتذار لأنه اضطر أن ينصرف قبل الموعد المتفق عليه بـ 10 دقائق فقط ، واتفقنا على موعد آخر وذهبت أليه لأجده في الانتظار .

كانت المشكلة متعلقة بي وبأحد الإخوة ، حكيت له عن المشكلة ووعدني بأنه سيحاول حل الموضوع بالشكل المناسب .

كان هذا في شهر يوليو 2008 ، في شهر نوفمبر 2008 بعد 4 شهور من ذلك الحوار قابلته بالصدفة في صلاة الجمعة ليكون أول سؤال بعد السلام : ما هي أخبار الأخ فلان ؟ وهل تم حل المشكلة ؟ فعلمت يومها فقط أنه كان أحد أطرف حل هذه المشكلة .

في جنازة الشيخ ماهر رحمه الله كان العزاء في السرادق وليس على المقبرة ، لذلك بعد الدفن عدنا مرة أخرى إلى كفر صقر بلد الشيخ لنقدم العزاء ، في الطريق أذن المغرب علينا ( كنا في ذلك الوقت في رمضان) فتوقفنا لنفطر ونصلي المغرب في أول مسجد صادفناه على الطريق .

ولأننا على سفر فقد نوينا أن نجمع المغرب مع العشاء ونصليهما جمع تقديم ، يومها قدمني أستاذي لأصلي بهم العشاء جمع تقديم ، وتصادف أن كان في نفس الوقت في المسجد جماعة أخرى تصلي المغرب يؤمها الدكتور : أكرم الشاعر عضو مجلس الشعب .

ساعتها وأثناء الصلاة جائني ما يقرب من 20 أخ كلهم يكلمني (وأنا أصلي) يطلب مني أن أخرج من الصلاة لأن هناك جماعة أخرى .

أتممت صلاتي يومها لأني – على حد علمي – لا أرتكب خطئا شرعيا بصلاتي بهذا الشكل في وجود جماعة أخرى في المسجد .

بعد أن انتهت الصلاة التفت إلى أستاذي متسائلا فبادرني بقوله : أنت على صواب يا أخ مصعب ، طالما أنك واثق من موقفك وصحته فلا تهتم لما حولك .

أستاذي يعلمنا كل يوم قيمة الوقت ، فالمدة المسموح لنا بالتأخير فيها عن الموعد المحدد معه هي دقيقتين فقط ، ليس من أجل التأخير وإنما لاحتمال أن تكون الساعات غير متطابقة في التوقيت فهو يضع احتمالا أن تكون إحدى الساعتين مقدمة دقيقة وتكون الأخرى مؤخرة دقيقة أخرى فيكون الفارق في المواعيد دقيقتين لا غير بعدها يكون الموعد لاغيا وعليك تحديد موعد آخر مع الدكتور .

لي كل الشرف أن يكون صديقي وأستاذي الدكتور إيهاب إبراهيم الذي خرج اليوم من الحبس بعد اعتقال دام لشهرين بالتمام والكمال ( من 8 فبراير حتى 8 أبريل 2010 ) كان فيهما رفيقا لـ 13 آخرين من بينهم الدكتور محمود عزت والدكتور عصام العريان والدكتور عبد الرحمن البر والدكتور محمد عبد الغني .

تحية إليه دائما

وأسأل الله أن يتقبل منه .

وأسأل الله أن يجعل هذه الأيام في ميزان حسناته . . اللهم آمين