ردا على سؤال سابق
مقدمة :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين .
ثم أما بعد ..؛
فقد كتبت من قبل أني أحب صوت "المغنية" ميس شلش وأستمع إليه فوجد بعض الإخوان في هذا الإعلان مبررا أمنحه للشباب ليستمعوا إلى المغنية نانسي عجرم رغم أن الاستماع إلى كلتيهما ( ميس ونانسي ) هو عمل محرم بإجماع العلماء ، هكذا قالوا ، بعد ذلك طرح أخي عمار البلتاجي سؤالا حول هذه المسألة فقال :" لو أن امرأة محتشمة خرجت تغني من غير ابتذال لتغني في قضية وطنية فهل هذا جائز ؟ "
تحديث :
1- قمت بتعديل صياغة المقدمة لإنهاء مشكلة ليس لها داعي وعذرا كل التعليقات التي لا تناقش الموضوع سوف أقوم بحذفها مع كامل الاحترام لصاحبها .
2- نص السؤال الذي طرحه عمار هو كالتالي :
هل يجوز شرعاً التغني بكلمات عادية أو وطنية أو حماسية (أعني لا فحش فيها) .... هل يجوز للمرأة ذلك على مرأى ومسمع من أجانب.؟
ومن أجل هذا السؤال قررت أن أكتب هذه الكلمات توضيحا لما أؤمن به وأعتقده وأدين به إلى الله عز وجل في هذه المسألة .
وليست هذه الكلمات ترجيحا لرأي على آخر وإنما هي عرض للرأي الذي آخذ به وأما الترجيح بين الآراء فهذا عمل الفقهاء المجتهدين ولا أحسب أنّي واحد منهم .
العناصر :
أولا : عرض وتوضيح لبعض المبادئ العامة للفقه والتشريع الإسلامي .
1- أدلة التشريع الإسلامي .
2- أقسام النصوص الشرعية .
3- قول الصحابي وقيمته في التشريع الإسلامي .
4- الأصول العشرين لفهم الإخوان المسلمين للإسلام وما يتعلق منها بقضيتي التقليد والاجتهاد .
ثانيا : ما آخذ به في مسألة الغناء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا : عرض وتوضيح لبعض المبادئ العامة للفقه والتشريع الإسلامي :- أدلة التشريع الإسلامي عشرة هي المصادر التي يؤخذ منها الدليل الشرعي على الأحكام المختلفة التي يصدرها العلماء المجتهدون ، وهذه العشرة أدلة هي :
2- السنة النبوية .
3- الإجماع .
4- القياس .
5- المصالح المرسلة .
6- العرف .
7- الاستحسان .
8- الاستصحاب .
9- قول الصحابي .
10- شرع من قبلنا .
3- الإجماع .
4- القياس .
5- المصالح المرسلة .
6- العرف .
7- الاستحسان .
8- الاستصحاب .
9- قول الصحابي .
10- شرع من قبلنا .
والدليل الحادي عشر هو سد الذرائع على خلاف بين العلماء فأقرّه بعضهم ورفضه البعض الآخر لأن فيه تحريم لما أحله الله عز وجل ، وأنا آخذ بالرأي الي يرفضه كمصدر للتشريع .
- النصوص الشرعية : والمقصود بها نصوص القرآن والسنة لها أربعة أقسام :
2. قطعي الثبوت ظني الدلالة : وهذ كثير في القرآن وفي صحيح السنة مثل قوله تعالى : "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " [ لقمان ] فهذا نص ظني الدلالة لأن المفسرين والعلماء قد اختلفوا في المقصود من قوله تعالى : "لهو الحديث" ولذلك فهو ظني الدلالة على الحكم وإن كان قطعي الثبوت عن الله عز وجل .
3. ظني الثبوت قطعي الدلالة : وهذا دلالته واضحة على الحكم إلا أن ثبوت وروده عن الله عز وجل بشكل غير مباشر عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم أمر مشكوك فيه والنصوص الظنية الالثبوت كلها من السنة وليس فيها شيء من القرآن الكريم فالقرآن كله قطعي الثبوت ، ومن الأمثلة على ذلك ما رواه الترمذي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ( الجواري المغنيات ) ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية :"ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ... الآية " ، هذا الحديث رواه الإمام الترمذي وقال : هذا حديث غريب ، إنما يُروى من حديث القاسم عن أبي أمامة ، والقاسم ثقة ، وعلي بن يزيد ( أحد رواة الحديث ) يضعَّف في الحديث ، قاله محمد بن إسماعيل ( البخاري ) . [ ما بين (القوسين) إضافة من عندي للتوضيح ]
فالحديث قطعي الدلالة على حرمة بيع الجواري المغنيات إلا أن ثبوت وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ظني مشكوك فيه .
4. ظني الثبوت ظني الدلالة : وهذا كثير في السنة النبوية وهو أضعف النصوص على الإطلاق .
- قول الصحابي : والمقصود به ما أفتي به أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والسؤال هو : هل هذه الفتاوى حجة على من جاء بعدهم من المجتهدين فلا يجوز لهم أن يخالفوا الصحابة ؟ أم أنها اجتهادات يمكن مخالفتها باجتهادات أخرى ؟
1- ما لا يُدرك بالعقل : وهو الحديث في الغيبيات وليس في الاستنتاج العقلي ، ومثال هذا قول السيدة عائشة رضي الله عنها : "لا يكون الحمل أكثر من سنتين" [ رواه الدارقطني ] فمثل هذا القول إن صح ثبوته عن الصحابي فلا يجوز مخالفته ( وهذا باتفاق العلماء ) لأن الصحابي بلا شك لن يتحدث عن الغيبيات إلا بما أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- ما يُدرك بالعقل واتفق عليه الصحابة : مثل اتفاقهم أن الجدة ترث السدس وهذا أيضا لا تجوز مخالفته لأن له قوة الإجماع ( وللأمر تفصيل كبير في الحديث عن الإجماع وما ينسخه وليس هذا مجاله ) .
3- ما يُدرك بالعقل واختلف فيه الصحابة :
وللعلماء فيه رأيين :
الأول : رأي الإمام أبي حنيفة ومن معه وهم الذين قالوا أنه يجوز للمجتهد أن يرجح رأيا من آراء الصحابة على رأي آخر من آراء الصحابة ولكن لا يجوز له أن يخالفهم بإنشاء رأي جديد لأن اختلاف الصحابة فيما بينهم على رأيين هو إجماع ضمني على أنه لا يوجد رأي ثالث واختلافهم على ثلاثة آراء هو إجماع على أنه لا رابع وهكذا .
الثاني : رأي الإمام الشافعي ومن معه وهم الذين قالوا أنه طالما اختلف الصحابة فيما بينهم فإنه يجوز للمجتهد من بعدهم أن يخالف كل آراءهم إلى رأي جديد طالما أن له أدلته الشرعية .
وأنا آخذ برأي الإمام الشافعي ومن معه لأنه الأقرب إلى الواقع ولأن تغير الظروف من زمن إلى آخر يحتاج إلى اجتهادات جديدة قد لا تكون موجودة على الإطلاق في عصر الصحابة .
- الأصول العشرين لفهم الإخوان المسلمين للإسلام :
" الأصل السادس : وكل أحد يؤخذ من كلامه ويُتْرك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه , و إلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح , ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا .[ الأصول العشرين – رسالة التعاليم – الإمام حسن البنا ] .
الأصل السابع : ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ، ويحسن به مع هذا الإتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته ، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته , وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر .
الأصل الثامن : والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين , ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره , ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة , من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب . "
وأحب فقط أن أؤكد على ما في الأصلين السادس والسابع من أن الإرشاد لابد أن يكون مصحوبا بالدليل ، وكذلك على ما في الأصل الثامن أن الخلاف في الفرع لا يصح أن يكون سببا للخصومة والبغضاء بين المسلمين .
--------------------------
ثانيا : ما آخذ به في مسألة الغناء :أن كل كلام يحتوي على فحش أو دعوة إلى معصية فهذا يحرم الاستماع إليه سواء كان في صورة شعر أو غناء أو غيرهما .
أن الغناء في أصله أمر مباح ما لم يصل إلينا دليل على التحريم .
أنه لم يرد في تحريم الغناء نص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة وكل ما ورد من نصوص في هذه المسألة فهو إما ظني الثبوت أو ظني الدلالة أو كلاهما معا .
أن الضوابط التي لابد من وجودها في الغناء حتى لا يكون حراما هي :
ضابط الكلمات : أن تتفق مع تعاليم الإسلام وآدابه فلا تخالفها ولا تدعوا إلى فسق أو معصية .
ضابط التوازن : فالإسراف في الاستماع إلى الغناء بلا شك سيؤدي إلى تضييع حق من الحقوق الواجبة على المسلم .
ضابط المستمع : فمن علم أن كلاما معينا سوف يثير شهوته أو يوقعه في الفتنة فهو فقيه نفسه وعليه أن يمتنع إلى هذا الكلام ، وكذلك لو وجد في نفسه أنه مفتون بمغني أو مغنية فعليه أن يمتنع عن الاستماع إليه أو إليها ، ولكن ذلك الامتناع يُلزمه وحده ولا يلزم غيره إلا إذا اتفق معه في ذلك الافتتان .
وكذلك المستمع لو سمع كلاما في الغزل فلا يحل له أن يسقطه ( ولو تخيلا ) على امرأة لا تحل له وإن فعل ذلك الإسقاط فهو آثم بذلك ولكن لا شيء على كاتب الكلمات أو المغني .
ضابط المغني : والقيود على المرأة بلا شك أكثر من الرجل حين تعمل بالغناء لأنها أكثر اقترابا إلى أن تفتن غيرها وكذلك لحرص الإسلام على الحفاظ على المرأة وحمايتها .
فيشترط في الرجل والمرأة عند الغناء عدم الميوعة في الغناء بما يثير الغرائز وهو في حق المرأة أشد تأكيدا منه في حق الرجل لقول الله عز وجل : "فلا تخضعن في القول فيطمع الذي في قلبه مرض " [الأحزاب] .
وكذلك المرأة لا يحل لها أن تخلوا بالرجل الأجنبي عنها سواء في تلحين أو تسجيل أو أداء أو تعاقد أو غير ذلك ، وكذلك لا يحل لها أن تكشف عورتها التي أمرها الله عز وجل بسترها لأي سبب كان .
أما إذا غنت المرأة من غير ميوعة وحرصت في غنائها على الالتزام بهذه الضوابط السابقة فلا أعلم سببا ولا دليلا شرعيا لمنعها من العمل بالغناء .
وحتى إن ارتكبت المرأة محظورا شرعيا أثناء عملها بالغناء فإنها تأثم وحدها ولا يتأثر حكم الاستماع إليها بما ارتكبته من محظورات .
أما من يرى أن غناء المرأة مع التزامها بالضوابط السابقة إلى جانب التزامها بالحجاب الشرعي الذي فرضه الله عز وجل عليها أو أن الاستماع إلى غناءها هو أمر محرم فعليه أن يأتي بدليل على هذا التحريم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
مصعب رجب
25/12/2008 مـ
27 ذي الحجة 1429 هـ
25/12/2008 مـ
27 ذي الحجة 1429 هـ
---------------------------
فتاوي موجودة على إسلام أون لاين تقول بنفس الرأي :
فتوى الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله في الاستماع إلى صوت المغنيات .
فتوى أخرى للشيخ أحمد الشرباصي رحمه الله في حكم غناء الرجال .
فتاوى الشيخ القرضاوي :
فتوى تفصيلية في حكم الغناء ( وقد اعتمدت عليها بشكل كبير فيما كتبته )
قيود وشروط لابد من مراعاتها ( من كتاب الإسلام والفن )
أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها (من كتاب الإسلام والفن )
القائلون بإجازة الغناء ( من كتاب الإسلام والفن )
العوارض التي تنقل السماع المباح إلى الحرمة( من كتاب الإسلام والفن )
وفتوى أخرى أحببت أن أنقلها بنصها لما فيها من كلام واضح وصريح وهذا مصدرها :
وفي سؤال آخر في نفس الصفحة قال السائل :
يقول الله تعالى ( ولا تخضعن في القول فيطمع الذي في قلبه مرض) فهل يتناسب هذا مع غناء المرأة، مع أن الغناء يحتاج إلى تلحين ؟
القرضاوي:
ليس من الضروري أن يكون كل غناء للمرأة خضوعاً في القول، الخضوع بالقول يعني الإغراء، التميّع والتكسر الذي يغري صاحب القلب المريض من الرجال، وإنما الابتهالات الدينية والأغاني الحماسية لا يكون فيها خضوع في القول .
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فتاوي موجودة على إسلام أون لاين تقول بنفس الرأي :
فتوى الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله في الاستماع إلى صوت المغنيات .
فتوى أخرى للشيخ أحمد الشرباصي رحمه الله في حكم غناء الرجال .
فتاوى الشيخ القرضاوي :
فتوى تفصيلية في حكم الغناء ( وقد اعتمدت عليها بشكل كبير فيما كتبته )
قيود وشروط لابد من مراعاتها ( من كتاب الإسلام والفن )
أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها (من كتاب الإسلام والفن )
القائلون بإجازة الغناء ( من كتاب الإسلام والفن )
العوارض التي تنقل السماع المباح إلى الحرمة( من كتاب الإسلام والفن )
وفتوى أخرى أحببت أن أنقلها بنصها لما فيها من كلام واضح وصريح وهذا مصدرها :
الفنانة نجاح سلاّم من بيروت
أنا أعمل في الوسط الفني منذ فترة طويلة وقد أكرمني الله تعالى بفريضة الحج، أنا كنت أغني ولكني من الفنانات الملتزمات بجميع الفرائض الدينية، هل يوجد نص صريح قرآني يحرم الغناء، كذلك بالنسبة للمعازف؟ حيث أريد أن أتجه للابتهالات الدينية والموشحات.
القرضاوي :
أنا رأيي في الغناء واضح منذ زمن وسجلته في كتبي (الحلال والحرام) (فتاوى معاصرة) (ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده) وفي رسالتي عن الإسلام و من سلسلة رسائل ترشيد الصحوة، فالغناء ليس كله حراماً وليس كله حلالاً، الغناء يباح بشروط معينة، أن تكون معاني الكلمات موافقة للقيم والأخلاق والمفاهيم الإسلامية فمثل أغاني (الدنيا سيجارة وكاس) أو (دع عنك اللوم فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء) فهذا مرفوض، وكذلك طريقة الأداء، فممكن أن يكون المعنى جيد ومؤديته تتكسر وتتميع وتتعمد الإغراء، فهناك من يحرم صوت المرأة وأنا لست ممن يحرمه ولا في الغناء، والنبي صلى الله عليه وسلم وجد جاريتين تغنيان في بيت عائشة وسيدنا أبو بكر رضي الله عنه أنكر هذا وقال أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد، إن لكل قوم عيدهم وهذا عيدنا، وحتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة)، المناسبات تدعم الغناء في الأعياد المستحبة ونحن هنا ندعم الجواز فقط، فلو كان صوت المرأة محرماً لم يجوز سماعه في عيد أو غيره، الأمر الثالث، ألا يقترن بحرام، مثل الخمر أو الخلاعة، كما جاء في الحديث الذي روي عن ابن ماجة وغيره، (ليأتين قوم أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها تضرب على رؤوسهم القيان والمعازف)
القيان، الجواري المغنيات في ذلك العصر. الشرط الرابع، أن يكون محدوداً، ليس طوال النهار نسمع أغاني، ننتقل من محطة إلى محطة نسمع الأغاني، الإسلام يكره الإسراف حتى في العبادة، فالإسلام يريد التوازن، فالإسراف في اللهو لا يسمح كما جاء عن سيدنا علي (أعطي الكلام من المزح بمقدار ما تعطي الطعام من الملح) التوازن، فاللهو يكون بمقدار معقول، فلا تكون الحياة كلها تعباً وعناء لابد أن يكون فيه من ترويّه وترويح، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة( يا حنظلة ساعة وساعة)، وعلي كرّم الله وجهه قال،( روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلب إذا كره عمي)، فبهذه الشروط يجوز الغناء. فإذا كانت الأخت متوجهة لتغني الابتهالات الدينية والأغنيات الحماسية لتعبئة الأمة فأنا لا أرى في هذا بأساً، وأرى أنه لو وجه الفن التوجيه الصحيح فإنه يكون أداة بناء وليس معوّل هدم، فللأسف كثير من الفنون الآن أصبحت معاول لهدم أخلاقيات الأمة وكيانها المعنوي ومفاهيمها وقيمها، ولكن المفروض أن تكون الفنون غذاء للوجدان كما أن العبادة غذاء للروح، الثقافة غذاء للعقل والرياضة غذاء للجسم، وهكذا ينبغي أن نرقى بفنونا. بالنسبة للمعازف في مذهبي وهو مذهب ابن حزم وكثير من علماء السلف، فهذه قضية خلافية معروفة ولا أريد أن أثيرها ما بين الحين والحين، ولكن أقول المعازف التي لا تثير الغرائز، فبعض الموسيقى الهادئة لا نستطيع أن نقول أنها حرام، فلم يأتي نص صحيح الثبوت صريح الدلالة من القرآن ولا من السنة على أن المعازف محرمة، الحديث المعلق الذي جاء في البخاري حديث فيه كلام كثير في ثبوته وفي دلالته، وليس هناك نص يدل على حرمة المعازف، إلا الموسيقى المثيرة مثل الغربيين المجانين، إنما من يغوى سماع بتهوفن فلا شيء عليه، فالأوروبيين عندهم الموسيقى سمو الروح ورقي الوجدان، كذلك الأفارقة عندهم الطبل والزمر شيء أساسي في حياتهم فلو حرمتها عليهم كدرت عليهم عيشتهم وحياتهم، لذلك يجب أن نيسر على الناس في عصرنا حتى ينتشر الإسلام في عموم العالمين ويتسع لهم وهذا الذي أراه.
أنا أعمل في الوسط الفني منذ فترة طويلة وقد أكرمني الله تعالى بفريضة الحج، أنا كنت أغني ولكني من الفنانات الملتزمات بجميع الفرائض الدينية، هل يوجد نص صريح قرآني يحرم الغناء، كذلك بالنسبة للمعازف؟ حيث أريد أن أتجه للابتهالات الدينية والموشحات.
القرضاوي :
أنا رأيي في الغناء واضح منذ زمن وسجلته في كتبي (الحلال والحرام) (فتاوى معاصرة) (ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده) وفي رسالتي عن الإسلام و من سلسلة رسائل ترشيد الصحوة، فالغناء ليس كله حراماً وليس كله حلالاً، الغناء يباح بشروط معينة، أن تكون معاني الكلمات موافقة للقيم والأخلاق والمفاهيم الإسلامية فمثل أغاني (الدنيا سيجارة وكاس) أو (دع عنك اللوم فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء) فهذا مرفوض، وكذلك طريقة الأداء، فممكن أن يكون المعنى جيد ومؤديته تتكسر وتتميع وتتعمد الإغراء، فهناك من يحرم صوت المرأة وأنا لست ممن يحرمه ولا في الغناء، والنبي صلى الله عليه وسلم وجد جاريتين تغنيان في بيت عائشة وسيدنا أبو بكر رضي الله عنه أنكر هذا وقال أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد، إن لكل قوم عيدهم وهذا عيدنا، وحتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة)، المناسبات تدعم الغناء في الأعياد المستحبة ونحن هنا ندعم الجواز فقط، فلو كان صوت المرأة محرماً لم يجوز سماعه في عيد أو غيره، الأمر الثالث، ألا يقترن بحرام، مثل الخمر أو الخلاعة، كما جاء في الحديث الذي روي عن ابن ماجة وغيره، (ليأتين قوم أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها تضرب على رؤوسهم القيان والمعازف)
القيان، الجواري المغنيات في ذلك العصر. الشرط الرابع، أن يكون محدوداً، ليس طوال النهار نسمع أغاني، ننتقل من محطة إلى محطة نسمع الأغاني، الإسلام يكره الإسراف حتى في العبادة، فالإسلام يريد التوازن، فالإسراف في اللهو لا يسمح كما جاء عن سيدنا علي (أعطي الكلام من المزح بمقدار ما تعطي الطعام من الملح) التوازن، فاللهو يكون بمقدار معقول، فلا تكون الحياة كلها تعباً وعناء لابد أن يكون فيه من ترويّه وترويح، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة( يا حنظلة ساعة وساعة)، وعلي كرّم الله وجهه قال،( روّحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلب إذا كره عمي)، فبهذه الشروط يجوز الغناء. فإذا كانت الأخت متوجهة لتغني الابتهالات الدينية والأغنيات الحماسية لتعبئة الأمة فأنا لا أرى في هذا بأساً، وأرى أنه لو وجه الفن التوجيه الصحيح فإنه يكون أداة بناء وليس معوّل هدم، فللأسف كثير من الفنون الآن أصبحت معاول لهدم أخلاقيات الأمة وكيانها المعنوي ومفاهيمها وقيمها، ولكن المفروض أن تكون الفنون غذاء للوجدان كما أن العبادة غذاء للروح، الثقافة غذاء للعقل والرياضة غذاء للجسم، وهكذا ينبغي أن نرقى بفنونا. بالنسبة للمعازف في مذهبي وهو مذهب ابن حزم وكثير من علماء السلف، فهذه قضية خلافية معروفة ولا أريد أن أثيرها ما بين الحين والحين، ولكن أقول المعازف التي لا تثير الغرائز، فبعض الموسيقى الهادئة لا نستطيع أن نقول أنها حرام، فلم يأتي نص صحيح الثبوت صريح الدلالة من القرآن ولا من السنة على أن المعازف محرمة، الحديث المعلق الذي جاء في البخاري حديث فيه كلام كثير في ثبوته وفي دلالته، وليس هناك نص يدل على حرمة المعازف، إلا الموسيقى المثيرة مثل الغربيين المجانين، إنما من يغوى سماع بتهوفن فلا شيء عليه، فالأوروبيين عندهم الموسيقى سمو الروح ورقي الوجدان، كذلك الأفارقة عندهم الطبل والزمر شيء أساسي في حياتهم فلو حرمتها عليهم كدرت عليهم عيشتهم وحياتهم، لذلك يجب أن نيسر على الناس في عصرنا حتى ينتشر الإسلام في عموم العالمين ويتسع لهم وهذا الذي أراه.
وفي سؤال آخر في نفس الصفحة قال السائل :
يقول الله تعالى ( ولا تخضعن في القول فيطمع الذي في قلبه مرض) فهل يتناسب هذا مع غناء المرأة، مع أن الغناء يحتاج إلى تلحين ؟
القرضاوي:
ليس من الضروري أن يكون كل غناء للمرأة خضوعاً في القول، الخضوع بالقول يعني الإغراء، التميّع والتكسر الذي يغري صاحب القلب المريض من الرجال، وإنما الابتهالات الدينية والأغاني الحماسية لا يكون فيها خضوع في القول .
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك 10 تعليقات:
أنا لن أجادل معك
فما أعرفه أقوله و ما لا أعرفه لا أجادل و لا أفتى فيه
لكنى اليوم أريد منك أن تلتفت إلى أسلوب حوارك و تراعى وجود الإحترام المتبادل
إنما تلك الطريقة التى تتحدث بها عنى فهى طريقة تفتقر إلى أى احترام تجاهى
حذرتك أكثر من مرة أن تلزم أدب الحوار معى و لكنك تصر على التجريح و الهجوم الشخصى بدلا من المناقشة المحترمة و احترام الأخر
حسبى الله و نعم الوكيل
لا يملكنى أى أمل أن تهتم و أتوقع أيضا أن تحذف هذا التعليق
عموما شكرا على سمو أخلاقك معى
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الفاضل / كباية شاى
أشكرك شكرا جزيلا على أسلوبك الجيد فى الحوار وعرض القضية
فقد أحلتها إلى رأى العلماء
وهذا احترام عالى القدر لقارئك
واعذرنى لا أجد مبررا للأستاذ / أحمد الخشاب صاحب التعليق السابق إلا أن يكون قد قرأ كلاما آخر حذفته أنت من المقال فهل حدث ذلك ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أحمد الخشاب :
لا أدري حقيقة أين تكمن المشكلة ؟ وأين يوجد ذلك التجريح والهجوم الشخصي الذي تتحدث عنه ؟ ولا أدري من الذي أسقط الاحترام المتبادل ؟ ولا أدري إن كان ما كتبته لا يدخل في إطار المناقشة المحترمة واحترام الآخر فكيف يمكن أن تكون هذه المناقشة المحترمة إن كانت غير ما كتبته ؟ ثم أين كان هذا الاحترام المتبادل في ردك الأول حول هذا الموضوع ؟
على أي حال أنا أقبل بما يحكم به الجميع ولا يوجد ما يمنعني من الاعتراف بالخطأ ... إن كنت مخطئا فعلا .
تعليقك لن أحذفه كما حذفت غيره من قبل فغيره رأيت فيه تجريحا لى لا أقبله أما هذا فهو رأيك حتى وإن كنت اختلف معك كليا فيه .
جزاكم الله خيرا
----------------------
الأستاذ أحمد عبد المنعم :
أنا اخوكم في الله : أبو أسامة مصعب رجب ،
والكلمات حتى توقيعي هي لنا وأنا من كتبها وأتحمل مسئوليتها ، وبعد ذلك تأتي آراء العلماء التي تؤيد ما آخذ به وآراءهم هي الأصل وليس كلماتي أنا بالتأكيد .
أما عن احمد الخشاب فأنا لم أحذف شيئا كتبته في هذا المقال بالذات وأنا في أنتظار أن يوضح الأخ أحمد أين هذا التجريح الذي يتحدث عنه .
جزاكم الله خيرا
سعيد برؤيتك في مدونتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس لي هذا الأمر باع طويل
وأحترم القرضاوي جدا وآخذ بجميع فتاواه
ولكن السؤال الذي يراودني ـ وهو بالمناسبة استفهامي وليس استنكاري ـ مالذي يجبر المرأة علي الإنشاد إذا كان هناك من يقوم به؟ وهل يرضي أي أخ أن تعمل أخته أو زوجته بهذا؟
هذا ما فكرت فيه
وما أسقطته علي نفسي
فوجدت أنني بالطبع أستحي من أن أغني أو "أنشد" أمام أجنبي.
ولكن في النهاية لكل رأيه المبني علي أساس
ولكل ظروفه و طبيعته التي قد تدفعه أو تمنعه من فعل شئ
وكل في النهاية يحترم
مادام لم يخرج عما أقره علماؤنا الافاضل حتي وان اختلفوا
جزاكم الله خيرا علي الطرح المتميز
أختي الكريمة : أخت مسلمة :
حتى لو كان السؤال استنكاريا فلا يوجد ما يمنع من طرحه طالما التزمنا بما يدعونا له ديننا .
مالذي يجبر المرأة علي الإنشاد إذا كان هناك من يقوم به ؟
لا شيء يجبرها والامر في النهاية محض اختيار ، ولكن ...
أقول وبكل ثقة أن فتاة كميس شلش صنع صوتها ما عجز عن صنعه عشرات المنشدين المصريين بالتحديد .
لقد وصلت بالفعل إلى الجميع ، قناة الجزيرة أذاعت مؤخرا نشيدا لها في إطار حملة الهلال الأحمر القطري .
--------
وهل يرضي أي أخ أن تعمل أخته أو زوجته بهذا؟
بكل صراحة - وربما يراني البعض مناقضا لنفسي - فأنا في الغالب لن أقبل ان تعمل أختي أو زوجتي أو ابنتي بالغناء حتى وإن التزمت بكل الضوابط الشرعية المطلوبة .
ولكن القضية هنا ليست قضية حكم شرعي نسعى لإقراره ،
بل هي قضية عوامل تنشئة وتربية متداخلة ،
نشأنا على ان العاملين بهذا المجال لهم أخلاقياتهم التي هي في كثير من الأحيان عليها الكثير من الغبار .
نشأنا على ان الفتاة التي تقبل العمل بالغناء تجلب الإهانة والنقص ( إن لم يكن العار ) ليس لنفسها فقط وإنما لأهلها كذلك .
هذا هو الواقع الذي نشأنا عليه وهو ما يمكن الحديث عنه شرعا بالعرف ولكن هذا العرب لا يصح أن يحرم حلالا أو يحل حراما .
أعتقد أن هذا هو ما قصدته أنت بكلماتك هذه :
"ولكل ظروفه و طبيعته التي قد تدفعه أو تمنعه من فعل شئ . "
--------
أخيرا
"وكل في النهاية يحترم
مادام لم يخرج عما أقره علماؤنا الافاضل حتي وان اختلفوا"
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو أسامة
جزاك الله خير الجزاء على دراستك القيمة
منهجيتك في العرض رائعة حقاً وأكاد أجزم بأنها تفوق منهجية كثير من الكتاب الكبار، وان كنت أرى أن الأفضل لو طرحت أدلة المجيزين وأدلة المانعين -لا سيما أن منهم فقهاء كبار لا يقلون علماً عن ابن حزم- ثم مناقشة الأدلة ومن ثم الوصول للحكم
--------------------------
الخشاب
أعذرني على صراحتي ولكنك تصر على استخدام أفكارك المسبقة عن الحكم الشرعي، وبديهي أنك لن تصل إلا للنتيجة المسبقة التي ترفض مناقشتها، ثم انك لم تناقش الموضوع الذي أثرته بنفسك في تعليقك على تدوينة سابقة واكتفيت برد خارج الموضوع عن ما أسميته (تجريح شخصي) لم أجد أثر له في البوست إلا إذا اعتبرت كلمة (البعض) تجريحاً !!
كان من فقه الأئمة الأربعة أن (لا إنكار مع اجتهاد) وأدعوك لتبين وجهة نظرك كرد بشكل علمي فقهي بناء على أدلة المناعين وتطلب مناقشتها
عفواً أخي الكريم أنت مطالب بتوضيح موقفك أين هو هذا التجريح –إلا إذا حذف شيء من البوست وهذا لم يحدث- ؟ وان لم تكن هذه (مناقشة محترمة) كما تهكمت فكيف تكون محترمة برأيك؟!!
أأسف أن لغة التعليق وصلت لحد لا يرضي الله ورسوله، فما هكذا يكون الخلاف، وقد رأينا الخلاف بين الفقهاء والصحابة وما رأينا تجريحاً بينهم ولا إساءة
عمار أرسلت إليك رسالة على ميلك على الياهو حيث لا أضمن أن يحذف كلامى أو يفبرك كما تم فبركته فى هذ المدونة من قبل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم : عمار البلتاجي :
أولا : جزاكم الله خيرا على هذا الإطراء الذي لا نستحقه بالتأكيد .
ثانيا : عرض كل الآراء :
منعني من ذلك أمرين :
الأول : أنه في نطاق بحثي وجدت أدلة للمحرمين وردا عليها من المبيحين ثم بعد ذلك لا رد من المحرمين لذلك وجدت أن الأمر لن يكون حياديا بهذا الشكل .
الثاني : أن الهدف من المقال كما قلت في مقدمته ليس ترجيحا لرأي على آخر وإنما هو عرض لما آخذ به لأنني لست من العلماء المؤهلين للترجيح .
--------
أخيرا : حديثك مع الخشاب بينكما ولن أتدخل فيه .
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم
طبعا عجبني الموضوع جدا وشلون النقاش الي بينكم
وحبيت اتكلم عن نفسي
انا من اني كنت صغيرة وانا احب اسمع الاناشيد وانشدها في البيت
وكم تمنيت اني اطلع صوتي واكون مثل مثلا ميس شلش
الى ان ميس شلش لديها عذرها
اما انا ليس لي الى انني بلأنشاد وأسماع الناس اشعر انني اخرج مافي قلبي
خصوصا عندما تكون النشيدة معبرة ومفيدة
لا ادري مالذي يجبرني على محاولة تنمية صوتي لنفسي لكنني احب ان انشد وهذا شيء فيني منذ صغري
وليت قريبا يفتون كلاما واضحا الكل متفق عليه :(
اود ان أسأل سؤالا
هل الدبلجة بصوت المراه حرام؟؟
مثل دبجلة الزهرة مثلا؟؟
وشكرا ^^
إرسال تعليق