السبت، سبتمبر 10، 2011

ماذا يريد العسكر من بلادي - 3

بدأت من مقالين الحديث في هذا الموضوع .
في المقال الأول كانت العناوين :
- صفر - مفاهيم توضيحية
-1- فرق تسد
-2-هؤلاء من يحكمون مصر
-3- 13 فبراير
-4- 9 مارس 2011 .. كنت هناك
-5- 19 مارس .. الاستفتاء العظيم
-6- 8 أبريل .. ضباط ومدنيون
-7- قانون منع التظاهر والاعتصامات الفئوية

في المقال الثاني استكملت الحديث :
-8- 6 أبريل .. صربيا . . أم غيرها ؟
-9- العباسية
-10- المحاكمة . . المسرحية

اليوم في المقال الثالث والأخير نستكمل الحديث تحت العناوين التالية :

-11- 29 يوليو . . الجمعة العظيمة
-12- 8 يوليو . . فض الاعتصام
-13- الجمعة الأولى من رمضان . . إفطار أم اعتصام
-14- الرخاء الاقتصادي . . وهم أم خيال ؟
-15- من الذي يدير مصر ؟
-16- شهداء الحدود . . ورد الفعل الرسمي
-17- ما هو المطلوب الآن ؟

= = = = = = = = = = = =
-11-
29 يوليو . .
الجمعة العظيمة
  • ما قبل 29 يوليو :
- خطاب اللواء محسن الفنجري الذي لا يمكن تحليله أو قرائته بعيدا عن لغة الجسد وطريقة إلقاء الخطاب ، وخصوصا إصبعه الشهير .

- قيل لي ، (ولست متأكدا من ذلك) أن وفدا من الجماعات الإسلامية - غير الإخوان - قابل بعض أعضاء المجلس العسكري ليبلغهم اعتراضه على وثيقة المبادئ الدستورية التي تم تكليف أسامة الغزالي حرب وقتها بإعدادها ، وكان رد أعضاء المجلس أننا لا نملك شيئا ولا نفعل أكثر من التجاوب مع الإرادة الشعبية والاستماع لرأي الشارع .
وكان هذا تحريضا مباشرا من المجلس لهؤلاء الجماعات للتظاهر والاستعراض العددي بهذا الشكل الذي ظهر به يوم الجمعة .

في الميدان شاهدت بنفسي أناسا يسعون بأي طريقة لإشعال الموقف ، ويدفعون بقوة في اتجاه التصادم بين الحاضرين من الإسلاميين والعلمانيين .. صحيح أن بعض هؤلاء كان يرتدي الجلابيب البيضاء ولحاهم تغطي صدورهم ، ولكن صحيح أيضا أن البعض الآخر من هؤلاء الذين سعوا لإشعال الميدان ، كانوا يرفعون صور جمال عبد الناصر ومحمد البرادعي .
هؤلاء الأشخاص كانوا يسعون بقوة لإشعال الوضع في ميدان التحرير ، وحينما أضع ذلك جنبا إلى جنب مع ما قام به ما سمي بـ "جماعات إسلامية متطرفة" من استعراض للسلاح في قلب مدينة العريش لأكثر من 8 ساعات دون أن يتعرض لهم أحد ، حينها لن أنشغل كثيرا بتقييم هذه الجمعة وما تم فيها من أحداث ، وهل كانت مليونية ناجحة تحققت أهدافها أم كانت غير ذلك ، ولكن لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير أن المجلس العسكري كان له عدة رسائل أراد توصيلها من هذه المظاهرة المليونية (السلفية) وما تزامن معها من أحداث في العريش كان الجيش مشاركا فيها على الأقل بعدم الإسراع في المواجهة لها .

  • الرسالة الأولى للأمريكان وللقوى الخارجية المهتمة بمصالحها في مصر : هؤلاء هم البديل لحكم العسكر ، لذلك عليكم إغماض أعينكم عن أي إجراء غير ديمقراطي يتم اتخاذه في الفترة القادمة .
  • الرسالة الثانية للأقباط والقوى العلمانية : إما أن تتحالفوا معنا أو سيقوم هؤلاء بالقضاء عليكم وطردكم وتهجيركم من مصر .
  • الرسالة الثالثة لعامة الشعب المصري : انتبهوا .. إنهم يريدون تحويلها إلى إمارة إفغانية جديدة ، وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن قطاعا عريضا من الناس مازال يعتبر أن أي رجل يرتدي جلبابا قصيرا ولحيته طويلة هو "إخوان مسلمين" فإن المستهدف الحقيقي من هذه الرسالة لم يكن السلفيين أو الجماعة الإسلامية ، وإنما كان "جماعة الإخوان المسلمين" .

وأحسب أنه كان هناك هدف آخر لم يتحقق ، وهو أن يفلح عملاء العسكر في الميدان في إشعاله والوصول به إلى مرحلة التقاتل بالسلاح ، فيكون ذلك مبررا لفرض الأحكام العرفية والإنهاء على هذه الثورة ... ولكن الله سلّم .

لقد نجح المجلس العسكري في تفريق القوى السياسية مرة أخرى حول قضايا هامشية لا وقتها ولا موضع نقاشها هو ما شاهدناه ، وهذه القضايا كانت هذه المرة هي :
  • شكل الدولة وطبيعتها وهل هي مدنية أم إسلامية .
  • المبادئ الفوق دستورية وهل هي حاكمة أم توصيات غير ملزمة.
وفي نفس الوقت نجح العسكر في عزل القوى السياسية كلها إسلامية كانت أو علمانية عن الشارع وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير .

- - - - - - - - - - - - - -
-12-
8 يوليو . .
فض الاعتصام

بعيدا عن موقفي من الاعتصام نفسه في ميدان التحرير ، وهل كان صوابا سياسيا أم لم يكن ؟ وهل كانت مطالبه محقة أم لا ؟ .. لكن ما أعلمه جيدا أن ما تم يوم الاثنين 1 رمضان / 1 أغسطس كان استخداما مفرطا للقوة ضد أهالي الشهداء .

أعلم جيدا أن هناك اتفاق بالفعل من خلال ائتلاف شباب الثورة مع أهالي الشهداء لإقناعهم بفض الاعتصام بشكل تدريجي خلال أيام السبت والأحد والاثنين ، وهو ما كان يتم بالفعل ، ولو كان استمر كما هو مخطط له لكان الميدان فارغا من المعتصمين أو على الأقل متواجدين في الحدائق بما لا يعيق المرور . . كان هذا ما سيحدث لولا تدخل الشرطة العسكرية .

وأعتقد أن الرسالة التي أراد المجلس أن يرسلها من خلال فض الاعتصام بهذه الطريقة رغم وجود طرق أخرى للحل ، هي أن المجلس هو من يحكم ، وهو فقط من يقرر كيف تدار الأمور وكيف يتم التعامل مع أي موقف من المواقف ، باختصار : المجلس هو من يقرر : من يعتصم ؟ ومتى يعتصم ؟ ومتى يتم فض الاعتصام ؟ وكيف يتم ذلك ؟

- - - - - - - - - - - - - -
-13-
الجمعة الأولى من رمضان . .
إفطار أم اعتصام

في فض الاعتصام في أول أيام رمضان ظهر واضحا أن سياسة المجلس هي سياسة الأمر الواقع ، وأن المجلس هو الحاكم بأمره ويفعل ما يشاء ولا مجال للمحاسبة .

في الجمعة الأولى من رمضان تم مطاردة مجموعة من الشباب الذين اجتمعوا للإفطار في حديقة "عمر مكرم" وتم القبض على بعضهم تحت مبرر أنهم قرروا الاعتصام في الميدان .

وحين تم عرض الشباب على النيابة العسكرية كانت التهم الموجهة إليهم هي نفس التهم القديمة التي كان يتم توجيهها لشباب الإخوان الذين يتم اعتقالهم من الجامعات قبل 25 يناير : تكدير السلم والأمن العام ، والاعتداء على موظف عام (رجل الشرطة) أثناء تأدية عمله وإعاقة سير المرور .

هذه المرة تم إضافة تهمة جديدة ، وحذف تهمة قديمة :

تم حذف تهمة : العمل على قلب نظام الحكم .
وتم إضافة تهمة : ترديد هتافات مناوئة للمشير .

لقد كان الإصرار على استخدام القوة مع متظاهرين سلميين (أو حتى معتصمين لا يعيقون المرور) هو إصرار على نفس الرسالة : نحن من يحكم .. نحن من يدير .. نحن من يتخذ القرار .. ولا مكان لغيرنا في المشهد السياسي .
- - - - - - - - - - - - - -
-14-
الرخاء الاقتصادي . .
وهم أم خيال ؟

في نفس الوقت التي كانت تجري فيه هذه الأحداث التي سبق ذكرها في المقالات الثلاث ، على المستوى السياسي ، كانت هناك عمليات وقرارات اقتصادية تجري على أرض الواقع لا تهدف إلا إلى مزيد من الفرقة والانقسام .

  • تم زيادة الحد الأدنى للحوافز على المرتبات بداية من شهر أغسطس الماضي من 75% من الأساسي إلى 200% من الأساسي ، على دفعة واحدة ، وهذا يعني أن الموظف الذي أساسي مرتبه 300 جنيه سيحصل على مرتب بحد أدنى 900 جنيه بدلا من 525 جنيه .
  • تم تخفيض أسعار المواد التموينية التي يتم توزيعها على بطاقات التموين بنسبة 50% وذلك قبل رمضان مباشرة .
  • في كل مدينة تقريبا على مستوى الجمهورية ستجد مائدة إفطار ، أو ربما أكثر من مائدة في نفس المدينة ، مكتوب عليها لافتة : مائدة إفطار القوات المسلحة المصرية .
المحصلة النهائية : زيادة في المرتبات .. انخفاض في الأسعار .. خدمات مباشرة للمواطن بإسم القوات المسلحة .

حينما يأتي من يهاجم المجلس العسكري بعد ذلك في ظل خلط متعمد بين المجلس والقوات المسلحة فإن هذا يعني أن من يهاجم المجلس العسكري إنما يهاجم من يكفل للناس أقواتهم ويؤمن لهم الرخاء الاقتصادي المطلوب .

إن الهدف من كل هذه الممارسات الاقتصادية هو إظهار المجلس العسكري على أنه المهتم الوحيد بمصالح الناس وتوفير الأمان الاقتصادي لهم بينما القوى السياسية منشغلة بقضايا لا تخص الناس في شيء ومنشغلة بكيفية وصولها للحكم ومنشغلة بكيفية تحقيق مصالحها الخاصة ، بينما لا يهتم لحال الناس غير المجلس العسكري .

- - - - - - - - - - - - - -
-15-
من الذي يدير مصر ؟

باختصار شديد جدا : خلال 3 تغييرات للمحافظين وخلال حكومتين غير حكومة أحمد شفيق ، يمكن أن نلاحظ التالي :

- الإصرار على رموز مرفوضة سياسيا وشعبيا ، مثل يحيى الجمل ، الذي ظل في موقعه رغم إدراج ثلاث مليونيات متتالية لمطلب إقالته في قائمة مطالبها .

- الإصرار على رموز هي من أبناء النظام السابق قلبا وقالبا مثل :
  • ترشيح مصطفى الفقي لأمانة جامعة الدول العربية .
  • الإبقاء على فايزة أبو النجا في كل التشكيلات الحكومية .
  • الإبقاء على أحمد شفيق لما يقرب من شهر كامل بعد 11 فبراير .
  • الإبقاء على السيد مشعل وزيرا للإنتاج الحربي رغم ما هو معلوم عن تزوير الانتخابات لصالحه في آخر 2010
والأمثلة أكثر من ذلك بكثير .

- سحب الصلاحيات كلها من يد الوزارة وبقاءها كلها في يد المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، منها ما ذكره الدكتور المعتز بالله عبد الفتاح في مقاله في الشروق بعنوان : دروس يوم 9 سبتمبر .

إن الذي يدير مصر حقيقة هو المجلس العسكري وليس الحكومة بأي حال من الاحوال ، وبالفعل الملفات المختلفة موزعة على أعضاء المجلس العسكري ، وهذا منشور بالصحف منذ شهور مضت .

- - - - - - - - - - - - - -
-16-
شهداء الحدود . .
ورد الفعل الرسمي

  • قامت قوات الاحتلال الصهيوني باغتيال متعمد لأربعة من الجنود المصريين على حدودنا الشرقية ، ورغم ذلك لم يدث أي رد فعل (رسمي) حتى الآن باستثناء بعض بيانات الإدانة .
  • وتم التراجع عن سحب السفير المصري في تل أبيب رغم الضغط الشعبي في هذا الاتجاه .
  • وتم تجاهل مطلب طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة رغم اعتصام الآلاف أمام السفارة من قبل عيد الفطر المبارك بأكثر من عشرة أيام .
ملحوظة : لم يرحل السفير مطرودا من الإدارة المصرية ، وإنما سحبته دولة الاحتلال احتجاجا على اقتحام السفارة .
  • تم التركيز في الإعلام الرسمي المصري على أن الرئيس الإسرائيلي قد اعتذر لمصر عن الحادث ، رغم أن هذا لم يحدث .
  • تم تجاهل اتخاذ أي إجراء دولي ضد إسرائيل رغم أن تقرير المراقبين الدوليين قد أكد قيامها باختراق الحدود وإطلاق النار على الجنود المصريين .
  • تم تجاهل كل المطالب بمراجعة اتفاقية السلام رغم وجود المبررات القوية لذلك .
أمام كل هذا التجاهل لكل المطالب والإجراءات الحقيقية والاكتفاء ببعض البيانات والألاعيب الإعلامية ، ثم إنشاء الجدار العازل أمام السفارة في وقت لاحق ، لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير أن إسرائيل ليست المجرم الوحيد في جريمة قتل الجنود المصريين ، وأن هناك من داخل مصر من تواطأ واتفق وسهل لها هذه الجريمة ويقوم حاليا بتسهيل إفلاتها من العقاب على هذه الجريمة .

- - - - - - - - - - - - - -
-17-
ما هو المطلوب الآن ؟

في نقاط واضحة : أوجز أهم ما هو مطلوب الآن من وجهة نظري في الوقت الحالي ، والمجال مفتوح لكل الأفراد والجماعات والحركات والأحزاب للحذف والتعديل والإضافة بما يتوافق مع رؤية كل منهم للمصلحة العامة للبلاد .

المطلوب الآن :
  • في الشق السياسي :
  1. أجندة توافقية لكل القوى السياسية بلا أي استثناء حول المطالب العاجلة التي لا يمكن تأجيلها .
  2. مرسوم بقانون يمنع كل أعضاء الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات ويمنع أعضاء الهيئة العليا للحزب وأمانات الحزب في المحافظات من ممارسة العمل السياسي لمدة 10 سنوات .
  • في الشق الإعلامي :
  1. إيقاف المهاترات والسخافات الإعلامية حول المبادئ الحاكمة للدستور وكذلك حول طبيعة الدولة المصرية ، هذه أمور ليس وقتها ولا محلها الآن بحال من الأحوال .
  2. الانشغال بالتوعية السياسية الحقيقية ورفع الوعي السياسي عند عامة الناس فهذه هي الضمانة الوحيدة لعدم قفز أي فصيل مدني أو عسكري على السلطة في مصر .
  • في الشق الأمني :
  1. تطبيق قانون الطوارئ على البلطجية بدلا من تطبيقه على النشطاء السياسيين ، وذلك من خلال إصدار قرارات اعتقال للبلطجية أصحاب السوابق الجنائية والمعلومين بشكل كامل لكل أقسام الشرطة في مصر كلها .
  • في إدارة العملية الانتقالية :
  1. الإصرار على المطالبة بجدول زمني واضح ومحدد لمواعيد كل خطوة من خطوات نقل السلطة للمدنيين بشكل كامل .

الجمعة، سبتمبر 09، 2011

ماذا يريد العسكر من بلادي - 2

استكمالا لما بدأت الحديث عنه في المقال السابق

-8-
6 أبريل
صربيا . . أم غيرها ؟

لم يكن كلام اللواء حسن الرويني حول عمالة 6 أبريل للخارج وأنهم تدربوا في صربيا وغير ذلك ، لم يكن هذا الكلام محض هراء ، وإنما كان كلاما محسوبا بدقة ، تماما ككل تصرفات وقرارات وتصريحات المجلس العسكري .

لقد كان اتهام 6 أبريل تحديدا تحقيقا لأكثر من هدف .

الهدف الأول : تكريس الانقسام الموجود حاليا داخل الحركة من خلال ضرب أحد الجناحين دون الآخر وهو ما يعني أن الآخر متواطئ مع العسكر .

الهدف الثاني : باللونة اختبار لكل القوى السياسية لمعرفة رد فعلها على اتهام إحدى الحركات الشبابية التي شاركت في الثورة بالعمالة للخارج .

الهدف الثالث : الانتقال من مرحلة التفريق بين القوى السياسية بعضها البعض إلى مرحلة التفريق بين كل القوى السياسية وبين الكتلة الشعبية الصامتة التي لا تتحرك إلا مرة واحدة كل 30 عام .

بعض هذه الأهداف تحقق بالفعل وإن لم يكن بشكل كامل ، وبعضها لم يتحقق حتى الآن ، لكن لا يمكن -في رأيي- تفسير الحدث بعيدا عن إطار المحاولات الدائمة للمجلس العسكري لتكريس الانقسام بين القوى السياسية والشعبية .

- - - - - - - -
-9-
العباسية

يوم الجمعة 22 يوليو امتلئت العباسية بكل الإشاعات الت يمكن تخليها بداية من : معتصمي التحرير قادمين لمهاجمة وزارة الدفاع ويجب علينا كشعب أن نحمي الجيش الذي يحمينا ، مرورا بـ : بلطجية التحرير قادمين لتكسير منازل أهالي العباسية المحيطين بوزارة الدفاع ، لذلك لابد من الاستعانة ببلطجية الشرابية للرد عليهم ، وليس انتهاءا بـ : معتصمي التحرير قرروا نقل جزء من الاعتصام إلى ميدان العباسية ليوقفوا حال أهالي العباسية كما وقفوا حال أهالي عابدين وباب اللوق ووسط البلد .

لذلك كان من الطبيعي حينمنا يأتي يوم السبت أن تكون الصورة كما شاهدناها ونعرفها جميعا ونحن في غنى عن ذكر تفاصيلها .

في موضوع العباسية هناك عدد من الملاحظات :
- استخدام الإشاعات ليس لتخويف الناس وإنما تحريضا مباشرا ضد الثورة والثوار .

- استخدام فكرة التمويل من الخارج وهي فكرة لا تحتاج إلى تدقيق كبير عند عامة الناس ، وفي نفس الوقت تقتل أي تعاطف ربما يحدث ممن يشاهد الضرب في المتظاهرين .

- من كانوا في ميدان التحرير نفسه في ذلك اليوم يعلمون جيدا أن هذه المظاهرة لم تخرج من الميدان بطريقة طبيعية وإنما كان هناك من يحرض بقوة على خروجها رغم أنها مسبوقة بمظاهرة سابقة ليلة الجمعة ورغم أن القوى السياسية المعتصمة في الميدان قد اتفقت على التظاهر أمام مقر المجلس العسكري الاثنين وليس السبت .

- في هذا الحدث بالذات تم تكريس الانقسام بقوة وربما أكثر مما تمناه المجلس حين قام بالتخطيط لهذه الأحداث .

فقد انقسم الجميع

انقسم السياسيون بين مؤيد للمظاهرة ومعارض لها .

وانقسم المؤيدون للمظاهرة بين مؤيد لمطالبها ومعارض لها .

وانقسم الجميع حول الشعارات التي هتفت ضد المشير ، تماما كما انقسموا قبل الثورة حول شعار : يسقط يسقط حسني مبارك.

ثم انقسموا بين مؤيد للمجلس العسكري يغمض عينه عن أخطائه ، وبين معارض له لا يقبل بأقل من رحيله واستبداله بمجلس رئاسي مدني .

وإلى جانب كل ذلك ، فإن الانقسام الحقيقي والأخطر هو أن كل هذه القوى قد ابتعدت كثيرا عن الشعب الذي لم يجد بجواره غير مجلس العسكر . . حامي حمى البلاد والعباد .

- - - - - - - - - - -

-10-

المحاكمة . . المسرحية

كلنا شاهدنا البث المباشر للمحكمة في جلستيها الأولى والثانية ، ولا داعي للاستفاضة في وصف أحداثها ، ولكن ما تم من إجراءات في هذه المحاكمات يمكن وضعه بسهولة في نفس الإطار الذي نتحدث من منظوره :

تكريس الانقسام سياسيا وشعبيا

- كان ظهور مبارك في القفص بالمظهر الذي ظهر به وشاهده الجميع أمرا متعمدا ، ليس لكسب تعاطف الشعب كما قال فريد الديب ، وإنما كان لترضية الجماهير الغاضبة وتسكين ثورتها ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى زيادة هوة الشقاق والانشقاق بين هذه الجماهير وبين القوى السياسية في الطرف الآخر .

كان الهدف الأول من مسرحية المحاكمة أن يتترس المجلس العسكري بالشعب الذي سيتولى الهجوم على القوى السياسية وإجبارها على التراجع لأنها لا تنتهي مطالبها وكلما تكرم المجلس بتحقيق مطلب طالبوه بآخر ، والمجلس يفعل كل ما في إمكانه للوصول بالبلد إلى بر الأمان ، ولكن القوى السياسية لا تفكر إلا في مصالحها الشخصية والخاصة ولا تهتم باستقرار حال البلاد . . . هكذا كان مستهدفا أن يفكر الناس .

- ولما كان هذا المشهد سيشوهه ظهور محامين حقيقيين يقدمون مرافعة حقيقية تجعل الشعب يتعاطف مع هؤلاء المحامين ثم بالتبعية مع التيارات السياسية التي ينتمون لها ، فإن القرار صدر بمنع هؤلاء المحامين من دخول قاعة المحاكمات ليبقى المجال متاحا فقط لمحاميي الاستعراض أمام الكاميرات ، وهؤلاء بتصرفاتهم لا يساهمون إلا في زيادة هوة الشقاق والفرقة الواسعة بين هذه التيارات وبين الشعب .

- كذلك أيضا كان السماح المتعمد لذلك المشهد الهزلي الفوضوي من كثير من المحامين المغمورين لتصبح الصورة أن المشكلة ليست في النظام الحاكم حاليا "المجلس العسكري" وإنما المشكلة في من يمثلون الثورة .

- المشهد الوحيد الذي خرج عن الإطار في هذه المسرحية هو مشهد الاعتداء على أهالي الشهداء وتكراره في كل جلسة من جلسات المحاكمة ، هذا المشهد لا يمكن تفسيره في إطار تكريس الانقسام ، وإنما الإطار الصحيح الذي يوضع فيه هو نفس الإطار الذي يوضع فيه تقاعس الشرطة عن أداء واجبها كما تقاعس الأمن المركزي عن حماية أهالي الشهداء عند قاعة المحكمة ، بل قام بالمشاركة في الاعتداء عليهم ، وكما تتعمد الشرطة عدم القضاء على عمليات البلطجة والسرقة بالإكراه رغم قدرتها على ذلك ، هذا الإطار الذي توضع فيه كل هذه الأفعال هو إطار : معاقبة الشعب على ثورته .

إن المحاكمة بالصورة التي خرجت بها كانت وما زالت مجرد مسرحية الهدف منها
شغل الرأي العام ،
وتهدئته ،
والتفرقة بينه وبين التيارات السياسية الفاعلة ،
لتكون المحصلة النهائية . .
تفرقة بين القوى المختلفة المتناحرة. .
ويسود العسكر .

وللحديث بقية . . .

الخميس، سبتمبر 08، 2011

ماذا يريد العسكر من بلادي - 1

- صفر -

مفاهيم توضيحية


في المقالات القادمة حديث حول بعض المواقف الصادرة عن القيادة العسكرية للبلاد في الفترة من 11 فبراير وحتى وقتنا الحالي ، وربط بينها وبين بعضها البعضوقبل أن أبدأ أحب أن أوضح بعض المفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع والتي أعتنقها وأؤمن بها بشكل كامل ، وإن كنت لا ألزم بها غيري بطبيعة الحال


1- الجيش ليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة

أؤمن أن الجيش ليس هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإنما المجلس العسكري هو القيادة العسكرية التي تدير البلاد سياسيا في المرحلة الحالية ، وأي نقد يوجه لهذا الأداء السياسي للمجلس لا يعني بالضرورة أن هذا النقد موجه إلى المؤسسة العسكرية نفسها بجنودها وضباطها المنتشرين في ثكنات الجيش المصري ومواقعه المختلفة .


2- المجلس العسكري ليس هو المشير طنطاوي

أؤمن كذلك أن المجلس العسكري ليس فقط المشير محمد حسين طنطاوي وإنما المجلس يمثل كل أعضاءه . صحيح أني أميل إلى تصديق ما يقال حول وجود جناحين متصارعين داخل المجلس نفسه أحدهما مؤيد للثورة والآخر لا يعترف بها ، إلا أني أميل أيضا إلى ترجيح الجانب المضاد للثورة ليكون هو المُعبِّر عن المجلس كله بدليل هذه المواقف والقرارات التي سنتعرض لها لاحقا .


3- المؤسسة العسكرية مؤسسة مصرية

لابد من التأكيد على أن المؤسسة العسكرية شأنها شأن كل المؤسسات المصرية لم تكن محصنة ضد الفساد وفي الغالب فإن الفساد المالي والإداري - بل والأخلاقي- قد استشرى في هذه المؤسسة بنفس القدر الذي استشرى به في المؤسسات القضائية والتنفيذية والرقابية المصرية .وبالتالي فليست المؤسسة العسكرية نفسها فوق النقد أو فوق مستوى الشبهات ، ولكن لكل حادث حديث وليس هذا - في رأيي - وقت فتح مثل هذا الملف أو طرحه للنقاش العام


4- المجلس العسكري جزء من نظام الرئيس الساقط المخلوع

من نافلة القول أن نؤكد أن جميع أعضاء المجلس الموقر تم إصدار قرارات تعيينهم من المخلوع محمد حسني مبارك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ، ولا يخفى على أحد طبيعة طريقة اختيار كل القادة المدنيين والعسكريين في النظام السابق ومدى تحكم مذكرات الأجهزة الامنية والمخابراتية في قرارات التعيين هذه .لقد ظل المشير طنطاوي الرئيس الحالي للمجلس العسكري قائدا للحرس الجمهوري للمخلوع لأربع سنوات كاملة لينتقل بعدها مباشرة إلى منصب وزير الدفاع الذي ظل فيه لعشرين سنة كاملة (1991-2011) ، والفريق سامي عنان رئيس الآركان ونائب رئيس المجلس هو أول رئيس أركان في تاريخ القوات المسلحة المصرية يأتي من خارج القوات البرية في الجيش الثاني والثالث الميداني


5- المجلس العسكري مدان حتى تثبت برائته

في ظل كل ما سبق توضيحه حول طبيعة المجلس العسكري وعلاقته بالنظام السابق فإن الموضوعية تقتضي -في رأيي- إساءة الظن بالمجلس العكسري وكل ما يصدر عنه من قرارات ، وتفسير كل مواقفه وقراراته بشكل سلبي إلى أن يثبت العكس


- - - - - - - - - - - - -

-1-

فرق تسد

مبدأ استعماري قديم يرى الجميع مشروعية استعماله مع أعدائه ، ومرات تطبيقه عبر التاريخ أكثر من أن تعد أو تحصىوالمجلس العسكري في الوقت الحالي لم يقم بأثر من تطبيق هذا المبدأ أكثر من مرة وبصور متعددة ليصل في النهاية إلى حالة لا يوجد فيها غير كتلتين فقط هما الباقيتان على قوتهما : المؤسسة العسكرية والأغلبية الصامتة ، فيستطيع المجلس العسكري بصفته ممثلا للمؤسسة العسكرية أن يطرح نفسه في صورة الجهة الوحيدة الحريصة على مصالح هذه الأغلبية الصامتة ، وبالتالي يفرض على الجميع كل ما يريد لننتقل بذلك إلى صورة جديدة من صور الحكم العسكري للبلاد .


- - - - - - - - - - - - -

-2-

هؤلاء من يحكمون مصر


ملحوظة 1 : استغرق إعداد هذه الفقرة ما يقرب من أسبوع ، بسبب ما وجدته من تضارب كبير بين المعلومات المنشورة على الانترنت ، وفي نفس الوقت غياب المعلومات على أي موقع رسمي للحكومة المصرية - مثال : موقع الهيئة العامة للاستعلامات الذي لا يوجد عليه حتى لحظة كتابة هذه الكلمات أي تعريف بالمجلس العسكري أو أعضاءه .


ملحوظة 2 : المعلومات المنشورة في هذه الفقرة حول الملفات التي يتولاها أعضاء المجلس العسكري نشرتها جريدة الشروق بتاريخ 15-5 على موقعها الالكتروني .


أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة

1\ المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع - القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة

2\ الفريق سامي حافظ عنان رئيس أركان القوات المسلحة نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة

3\ الفريق مهاب محمد حسين مميش قائد القوات البحرية

4\ الفريق رضا محمود حافظ قائد القوات الجوية

5\ الفريق عبد العزيز سيف الدين قائد قوات الدفاع الجوي

6\ اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية

7\ اللواء أ.ح محمد حجازي قائد الجيش الثاني الميداني

8\ اللواء أ.ح صبحي صدقي قائد الجيش الثالث الميداني

9\ اللواء أ.ح حسن محمد أحمد قائد المنطقة الشمالية

10\ اللواء أ.ح محسن الشاذلي قائد المنطقة الجنوبية

11\ اللواء أ.ح محمود إبراهيم حجازي قائد المنطقة الغربية مسئول ملف الشباب في المجلس العسكري

12\ اللواء أ.ح أحمد يوسف عبد النبي قائد قوات حرس الحدود

13\ اللواء أ.ح ممدوح شاهين مساعد الوزير للشئون الدستورية والقانونية الملف القانوني

14\ اللواء أ.ح محسن الفنجري رئيس هيئة التنظيم والإدارة

15\ اللواء أ.ح إسماعيل عثمان إدارة الشئون المعنويةملف الثقافة

16\ اللواء محمد العصار مساعد الوزير لشئون التسليح ملف الإعلام

17\ اللواء أ.ح مختار الملا مساعد الوزير لشئون الإعلام والأمن ملف الأمن القومي

18\ اللواء أ.ح محمود نصر مساعد الوزير للشئون الماليةملف الاقتصاد

19\ اللواء أ.ح أحمد عبد الحميد مدير إدارة الخدمات الطبية ملف الصحة

20\ اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية


- - - - - - - - - - - - -

-3-

13 فبراير


في يوم الجمعة 11 فبراير 2011 2011 خرج علينا عمر سليمان ليعلن أن مبارك قرر تخليه عن منصب رئيس الجمهورية .في مساء نفس اليوم (حوالي الساعة 12 مساءا) بدأ ميدان التحرير يمتلئ بأشكال ووجوه غريبة ليست هي التي اعتدنا على رؤيتها طوال 18 يوم في الميدان (نوراة نجم تقول أنهم رجال التحريات والمخابرات العسكرية) ، هذه الوجوه كانت تهتف : الشعب يريد إخلاء الميدان ، وصاحب هذه الكلمات حالات تحرش جنسي موثقة ، وحالات تشاجر كثيرة ، وكل ذلك لم يكن يحدث خلال الاعتصام بأيامه الثمانية عشر .


في يوم 12 فبراير كنت موجودا في الميدان ، ذهبت في الصباح إلى المستشفى الميداني في مقره خلف هارديز (في مسجد الرحمن على ما أذكر الإسم) فوجدت إمام المسجد ومعه مجموعة من 5 أفراد تقريبا تسعى إلى إخلاء المسجد بالقوة من المرضى ، ولكن تواجُد عدد من الشباب (حوالي 20 فرد) منعهم من ذلك .كان آخر كلام من إمام المسجد هو أنني أريد أن أصلي الظهر غدا في المسجد

في نفس الوقت في الميدان نفسه كانت الشرطة العسكرية قد نزلت إلى الميدان يصاحبها اللوائين مختار الملا وحمدي بدين وبدأوا في فتح طريق السيارات بالقوة وإجبار المباقين من المعتصمين على البقاء على الرصيف في نفس الوقت قامة مجموعات أخرى من الشرطة العسكرية بإزالة كل الخيام الموجودة في الميدان سواء في الكعكة الحجرية أو في حديقة عمر مكرم أو في حديقة المجمع ، تم إزالة كل الخيام ما عدا خيمة 6 أبريل التي كنت فيها لأننا أخبرنا قائد الوحدة العسكرية أننا سنزيلها بنفسنا قبل الليل ولا داعي لاستخدام القوة .


في مساء 12 فبراير تحركت أنا ومحمد عادل (6 أبريل) و عبد الله أحمد (من إخوان الدقهلية) بعد فك الخيمة حيث نقلناها مع باقي المتعلقات إلى مقر 6 أبريل الذي تبرع به د. ممدوح حمزة ، ثم تحركنا بعدها إلى مقر المركز المصري لحقوق الإنسان في التوفيقية حيث بيتنا الليلة هناك قبل أن أعود إلى الزقازيق ويعود محمد عادل وعبد الله أحمد إلى المنصورة .


في يوم 13 فبراير قامت قوات الشرطة العسكرية بإخلاء الميدان بالقوة من كل من كان به من المعتصمين ، ولم تنطق أي قوة سياسية ، لا الإخوان ولا الأحزاب ولا الحركات السياسية والثورية ، سكت الجميع على أول انتهاك لحرية التظاهر والاعتصام السلمي - دون تعطيل المصالح العامة - في عصر الثورة .


- - - - - - - - - - - - -

-4-

9 مارس 2011

كنت هناك


في يوم الجمعة 25 فبراير ، حدثت بعض الاحتكاكات بين المتظاهرين والشرطة العسكرية وتعاملت معها قوات الشرطة العسكرية مستخدمة القوة في ذلك ، وبعدها أصدر المجلس ثلاثة رسائل عبر صفحة الفيسبوك وأرقامها 22 و 23 و 24 صدرت كلها يوم السبت 26 فبراير


الجمعة التالية (4 مارس) قرر مجموعة من المتظاهرين في هذه الجمعة أن يعتصموا في الميدان ولا يكتفوا بالتظاهر
يوم 7 مارس توجهت إلى الميدان مساءا وبت ليلة واحدة في خيمة حركة شباب من أجل العدالة والحرية ، وانصرفت مساء يوم 8 مارس .


ما شاهدته هناك :

- شريحة ليس لديها أي وعي سياسي على الإطلاق

- شريحة ليس لديها أي استعداد لتقبل الآخر

- شريحة لا تعلم لماذا هي موجودة بالأساس في الميدان ولا تعلم مطالبها وفي نفس الوقت لا تقبل منك أي نقاش في هذا الموضوع



كانت هذه صفات أغلب المعتصمين في الكعكة الحجرية كما شاهدت بنفسي ، وفي كل ساعة مشاجرة جديدة بين المعتصمين والباعة المتجولين .


في نفس الاعتصام كان هناك مجموعة من النشطاء السياسيين يبذلون ما يستطيعون من جهد لتوعية الناس أو تفهيمهم حقيقة ما يفعلون وما يعتصمون من أجله .



ما لم أشاهده في الاعتصام :


- خيام الدعارة لم أشاهدها على الإطلاق رغم تجولي في كل الخيام ليلا ونهارا

- مدمني المخدرات الذين يتعاطون الحقن المخدرة جهارا نهارا لم أرهم في أي مكان داخل الاعتصام



في يوم 9 مارس دخلت قوات الشرطة العسكرية إلى الميدان وقامت بفض الاعتصام بالقوة وتم اعتقال أكثر من 300 شخص من المعتصمين وتم احتجازهم في السجن الحربي فرع المتحف المصري .


من أهم ما صاحب فض اعتصام 9 مارس بالقوة :

- بدء عمليات التعذيب الجسدي للنشطاء في المتحف المصري

- بدء المحاكمات العسكرية للمدنيين الذين تم القبض عليهم من الاعتصام



ومرة أخرى صمتت كل القوى السياسية والشعبية والثورية ولم ينطق أحد


- - - - - - - - - - - - -

-5-

19 مارس

الاستفتاء العظيم



إذا كان ما حدث في 13 فبراير و 9 مارس هو بالونتي اختبار لمعرفة رد فعل القوى السياسية والشعب على أي انتهاك للحريات يقوم به العسكر فإن الاستفتاء على التعديلات الدستورية كان الخطوة الأولى في عملية شق الصف وتفريق القوى الفاعلة والمؤثرة في الشارع المصري .


  • في تشكيل اللجنة التي تصوغ التعديلات تم اختيار أ\ صبحي صالح المحامي عضوا في هذه اللجنة ، وأعتقد أن الهدف من ذلك كان هو التفريق بين القوى السياسية العلمانية والقوى الإسلامية ، وأيضا التفريق بين الإخوان وباقي القوى الإسلامية ، وقد تحقق الهدف الأول ولم يتحقق الثاني .

لن أخوض كثيرا في تفاصيل المواد التي تم تعديلها وكيف تم اختيارها والصيغة التي تصدرت بها من المستشار طارق البشري ثم الصيغة التي تم طرحها في الاستفتاء ثم الصيغة التي صدرت أخيرا في الإعلان الدستوري ، فالمحصلة النهائية أن الاستفتاء كله لم يكن أكثر من إجراء شكلي لا معنى له لأن المجلس العسكري في كل الأحوال كان سيصدر إعلانا دستوريا يحل محل دستور 1971 كما أعلن اللواء ممدوح شاهين ذلك في وسائل الإعلام .



في نفس السياق أيضا لابد من التأكيد على أن الحديث عن شكلية إجراء الاستفتاء لا ينفي أبدا أن مضمون نتائج هذا الاستفتاء تعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشارع ورأيه في كيفية إدارة المرحلة الانتقالية الحالية .


ولكن المحصلة النهائية على أرض الواقع هي أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية وكل ما صاحبه من ممارسات خاطئة من الجميع (وأؤكد على “الجميع”) كان ذلك هو المسمار الأول في نعش الوحدة الوطنية بين كل التيارات والقوى المصرية ، وهذه الوحدة الوطنية هي التي خلعت مبارك من منصبه ومكانه .


- - - - - - - - - - - - -

-6-

8 أبريل

ضباط ومدنيون


في يوم الجمعة 8 أبريل كانت دعوة لإحدى المظاهرات المليونية (لا أذكر تحديد ماذا كان شعارها أو عنوانها) ولكن المميز في هذه المظاهرة هو أن قوات الجيش المحيطة بالميدان سمحت لمجموعة من الضباط الذين يرتدون الزي العسكري بدخول الميدان ثم الصعود للمنصة ثم الهتاف ضد المشير ، ثم قام هؤلاء الضباط بالاعتصام في الميدان والاحتماء بالمدنيين العزل .


في يوم السبت 9 أبريل تم اقتحام الاعتصام للمرة الثالثة وتم فض الاعتصام بالقوة وتم القبض على الضباط المعتصمين وكذلك القبض على عدد من المدنيين الموجودين معهم والبعض يتحدث عن تصفية 3 ضباط جسديا برصاصة مباشرة في الرأس داخل الميدان .


في هذا الإطار لابد أن أؤكد على أن هذه الثورة كانت مدنية من يومها الأول ، وأنه كان من الخطأ أساسا السماح لأي عسكري بالصعود إلى المنصة والتحدث بصفته ثائرا لأن هذه الثورة لم تكن يوما ثورة عسكرية ، وكذلك لم يكن هذا هو الوقت أو المكان المناسبين لأي مطالبة بعملية إصلاح من داخل مؤسسات الجيش المصري.


ولكن في نفس الإطار أيضا لابد من إعادة التذكير بأن القوى السياسية المنقسمة أصلا في الاستفتاء قبل أيام قليلة قد انقسمت أيضا في هذا الموقف بين :

- مؤيد لحق ضباط الجيش في التظاهر بالزي العسكري ورافض لأي استخدام للقوة ضدهم

- رافض لتظاهر الضباط وفي نفس الوقت رافض لاستخدام القوة (المفرطة) ضدهم أو استخدام القوة ضد المدنيين المحيطين بهم .

- مؤيد للمجلس العسكري رافض لأي هتاف ضد المشير ويقبل بأي عقاب ضد من يهتف ضد المجلس أو المشير .



وهكذا تم تكريس الانقسام


- - - - - - - - - - - - -

-7-

قانون منع التظاهر والاعتصامات الفئوية


يوم 12 أبريل وبعد 3 أيام فقط من أحداث 8 و 9 أبريل صدر القانون التالي تحت اسم “تجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت”


مرسوم بقانون رقم ٣٤ لسنة ٢٠١١

بتجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت


بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ ١٣/٢/٢٠١١ وعلى الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ ٣٠/٣/٢٠١١، وعلى قانون العقوبات والقانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ بشأن حالة الطوارئ، وحيث أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تفهم كافة المطالب الفئوية لجميع فئات المجتمع، ويقر بحقوقهم في الوقفات والمظاهرات السلمية، ويسعى إلى العمل الجاد على تنفيذها دونما إخلال بدولاب العمل ودونما تأثير على استقرار العمل في قطاعات الدولة المختلفة وكافة المؤسسات العامة أو الخاصة، وفي ظل ما تمر به البلاد من مرحلة حرجة في تاريخها تتطلب حماية أمنها واقتصادها من التلاعب بهما بهدف تخطي أزمتها الحالية والاستجابة لما ظهر من مطالب مشروعة لكافة فئات المجتمع وتلبيتها، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعاود التأكيد على رغبته الصادقة في تكريس دولة القانون خلال هذه المرحلة من تاريخ البلاد ويعلن بمقتضى الصلاحيات المخولة له وبعد موافقة مجلس الوزراء المرسوم بقانون الآتي نصه وقد أصدرناه


المادة الأولى:

مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام أثناء سريان حالة الطوارئ بعمل وقفة أو نشاط ترتب عليه منع أو تعطيل أو إعاقة إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة أو إحدى جهات العمل العامة أو الخاصة عن أداء أعمالها.

ويعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة السابقة كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة من طرق العلانية المنصوص عليها في المادة ١٧١ من قانون العقوبات لأي من الأفعال السابقة ولو لم يتحقق مقصده.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا استخدم الجاني القوة أو العنف أثناء الوقفة أو النشاط أو العمل أو إذا ترتب على الجريمة تخريب إحدى وسائل الإنتاج أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الإخلال بالنظام أو الأمن العام أو إلحاق الضرر بالأموال أو المباني أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها.


المادة الثانية:

ينشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية، وتكون له قوة القانون ويعمل به اعتبارا من اليوم التلي لتاريخ نشره


صدر في القاهرة

في ٩ جمادى الأولى سنة ١٤٣٢هـ

الموافق ١٢ أبريل سنة ٢٠١١م


وهكذا فإن من أهم الإنجازات التشريعية للمجلس الموقر ، معاقبة من يقوم بالتظاهر بالسجن أو غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه إذا لم يستخدم القوة ، وإذا قام باستخدام القوة فإن الغرامة تتضاعف 5 مرات لتصل إلى 100 ألف جنيه كحد أدنى .


وبعيدا عن المصطلحات الفضفاضة التي يمتلئ بها نص القانون من عينة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي إلا أن الواقع يشهد أن تطبيق القانون ظل انتقائيا وبامتياز لنفس الهدف من كل تصرفات المجلس السابقة واللاحقة :


تكريس الانقسام سياسيا وشعبيا



فمرة يتم تطبيق القانون على المعتصمين في ميدان التحرير ولا يتم تطبيقه على المعتصمين في نفس اليوم على بعد أمتار قليلة في ماسبيرو

ومرة أخرى يتم تجاهل تطبيق القانون على المتظاهرين أمام الكنائس رغم أنها تهدد ما يزعمون أنها وحدة وطنية .

ومرة ثالثة يتم تجاهل تطبيق القانون على المسيحيين المتظاهرين من أجل الزواج الثاني ،

وفي نفس الوقت يتم تطبيقه ضد عمال الشركات الذين يضربون عن العمل للمطالبة بحقوقهم المنهوبة .


وفي رمضان تم اعتبار الشباب المفطرين في حديقة عمر مكرم في أول جمعة من رمضان تم اعتبارهم متظاهرين مخالفين للقانون .


والملاحظ أنه حين تكون القضية محل التظاهر أو الاعتصام هي قضية لا اتفاق عليها ومثار خلاف بين القوى السياسية فإن المجلس يتوقف عن تطبيق القانون طمعا في أن يؤتي عدم الاتفاق ثماره وتساهم هذه التظاهرات في تكريس الانقسام ، أما حين تكون هذه القضية لا خلاف عليها ، مثل حقوق العمال في شركة من الشركات أو إقالة عميد فاسد في كلية من الكليات فإنك تجد الشرطة العسكرية هي أول الحاضرين لفض الاعتصام والقبض على المحرضين .وهذا لأن استمرار هذه التظاهرات والاعتصامات المتفق على مطالبها بين كل القوى حتى وإن لم تشارك فيها ، يعني أن هناك أملا في تحقق الوحدة والتحالف بين القوى المتناحرة ،


وهو ما يقلق المجلس العسكري تماما كما يقلق أي مستعمر أن يتحد أبناء الشعب الواحد حتى ولو لم يكن هذا الاتحاد ضده .

للحديث بقية . . . .