السلام عليكم
خلال الليلة الماضية واليوم فقط تسارعت الأحداث بشكل مخيف هناك في منيل الروضة حيث يقع مقر الجماعة - أعني جماعة الإخوان المسلمين .
تأتينا الأخبار متناقضة ومتعارضة بشكل مخيف وغريب ومستفز :
خبر يقول أن الأستاذ المرشد استقال وترك المقر وعاد إلى التجمع الخامس حيث يسكن .
وخبر آخر يقول لا لم يستقل ولكنه فقط خرج غاضبا من اجتماع لمكتب الإرشاد .
وثالث يقول أنه كان يخطط لهذه الغضبة من خلال اعتزاله أسبوعا في عزبته في الإسماعيلية .
الدنيا تائهة ... أكتب على الفيسبوك متسائلا ... لو أن أحدا يفهم ما يحدث في المنيل أن يشرح لي ما يحدث ... فيأتيني رد الدكتور مصطفى النجار مفعما بالإحباط خاليا من أي أمل .
أكلم عمرو سلامة على الياهو ليقول لي ان القصة كلها عبارة عن تأليفة قام على تأليفها صحفيو قسم الإسلام السياسي في الجرائد المستقلة تحديدا (الدستور والمصري اليوم واليوم السابع ) ويقودهم ذلك الصحفي الشاب المعروف ، وأنه هو صاحب القصة كلها لأنه الأكثر خبرة ومعرفة بالإخوان بحكم انتماءه السابق إليهم .
أرفض التصديق .... وأدخل على موقع الجماعة الرسمي لأجده يتقاطع في كثير من سياسته التحريرية مع سياسة القناة الأولى المصرية !!!
حينما كتب إبراهيم عيسى في الدستور : الآلهة لا تمرض ولا تموت ، خرجت القناة الأولى وكل القنوات التلفزيونية لتؤكد على صحة الإله - عفوا الرئيس - وأنه بخير يمارس مهامه بشكل طبيعي وأنه على رأس الحكومة المصرية يتابع الأعمال بنفسه كعادته .
إخوان أون لاين بالأمس كتب بنفس اللغة بل لا أكون مبالغا لو قلت أنه بنفس المصطلحات :
المرشد ما زال على رأس الجماعة يمارس مهامه وأعماله بنفسه ، ولا صحة لكل ما أشيع حول استقالته وهذه كلها إشاعات مغرضة .
في نفس الوقت الذي يصدر فيه البيان يكون الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد في حوار مع عمرو أديب على القاهرة اليوم .
ورغم أني لا أستريح إلى عمرو أديب على الإطلاق ولا إلى ذلك المحاور الآخر الذي لا أعلم إسمه ، إلا أن الحوار مهم وبه الكثير من التوضيحات .
قبل أن أستمع إلى الحوار مسجلا بعد ظهر اليوم على موقع YouTube يتصل بي عمرو سلامة مرة أخرى ليخبرني أنه هو الآخر لا يفهم ما يحدث وأنه يحاول الاتصال بالدكتور حبيب والدكتور حبيب لا يرد على التليفون ، وكذلك شخص آخر أكلمه فيحاول الاتصال على الدكتور حبيب والدكتور لا يرد .
أتصل بأحد إخواننا الكبار - سنا ومقاما بعيدا عن المناصب - في القاهرة فيعطيني بعض المعلومات التي توضح الصورة بعض الشيء ولكن ما زال هناك بعض الضباب .
إذن هناك سؤالان لابد منهما :
ماذا حدث ؟ ؟ ؟
وماذا نتعلم ؟ ؟ ؟
ماذا حدث ؟؟؟
طبقا لرواية الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام وهي الرواية الأكثر إقناعا حتى الآن :
الأستاذ المرشد أراد تصعيد الدكتور العريان عضوا في مكتب الإرشاد اعتمادا على نص في اللائحة الداخلية للجماعة يقول أن عضو مجلس شورى الجماعة الذي يحصل على أكثر من 40 % في أي انتخابات لأعضاء مكتب الإرشاد يكون من حقه التصعيد تلقاءيا في حالة خلو أحد الأماكن داخل مكتب الإرشاد دون إجراء انتخابات جديدة ، وقد حدث بالفعل أن خلا أحد الأماكن داخل المكتب بوفاة الأستاذ محمد هلال المحامي عليه رحمة الله .
على الطرف الآخر هناك فريق يرى أن هذا النص اللائحي لا قيمة له في هذه الحالة وأنه معمول به فقط في حالة الانتخابات الكلية لأعضاء المكتب وليس الانتخابات الجزئية التي حصل فيها الدكتور العريان على أكثر من 40 % من الأصوات .
حتى الآن لا مشكلة ... لكن ما حدث أنه في اجتماع طارئ لمكتب الإرشاد غاب عنه الدكتور محمد حبيب وآخرين وإن حضره 16 من أعضاء المكتب البالغ عددهم 19 عضو حاليا ، في هذا الاجتماع طرحت مسألة التفسيرين المختلفين للائحة الجماعة للتصويت ، وكانت المفاجئة أن الحاضرين من أعضاء المكتب كلهم صوتوا بالإجماع ضد رأي الأستاذ المرشد ، وهو ما أزعج الأستاذ وجعله ينصرف غاضبا من المكتب .
وهنا وقفة أنه من المفترض حينما يكون هناك خلاف حول نص قانوني من المفترض أنه واضح ولا يحتمل معنيين شأنه شأن أي نص قانوني آخر ، حينما نختلف حول هذا النص فيكون الحل بإحالة النص إلى من يفهمه ليقوم بتوضيح المعنى المفترض في النص بناء على التطبيقات السابقة وبناء على باقي النصوص الموجودة في اللائحة - والجماعة لن تعدم الكفاءات الإدارية والقانونية التي تتمكن من تفسير كل فقرات وبنود اللائحة وليس واحد منها فقط - وليس الحل في رأيي أن نلجأ للتصويت على أى مستوى من المستويات سواء كان مكتب الإرشاد أو حتى كل الإخوان المنتمين للجماعة لأن الأصل في التصويت أن يكون على ما يحتمل أكثر من معنى وليس على نص قانوني لا يحتمل إلا معنى واحد فقط .
المهم ...
بعدها اتصل الإخوان بالدكتور محمد حبيب ليأتي من أسيوط ويتصل بالأستاذ المرشد ويحاول التوفيق والتقريب بين وجهات النظر المختلفة ، وجاء الدكتور حبيب والتقى بالأستاذ المرشد وقرر الأستاذ المرشد أن يستريح قليلا وأن يفوض نائبه الأول في القيام بأعماله لفترة من الزمن .
إذن :
هل استقال الأستاذ المرشد من منصب الإرشاد العام ؟
لم يحدث ذلك على الإطلاق .
هل هناك أزمة تمر بها الجماعة ؟
نعم تمر الجماعة الآن بأزمة وإن كان الإعلام قد ساهم في تضخيم الأمر وإعطاءه أكبر من حجمه ولكن هناك أزمة بالفعل ، وبالمناسبة لست من أنصار الرأي القائل أن هذا شأن داخلي للجماعة ، بالعكس قضية أن يكون هناك خلاف أو نزاع داخل أعلى هيئة إدارية في الجماعة بهذا الشكل هو أمر يقلق كل من يهتم بالشأن العام والشأن السياسي والوضع الداخلي المصري .
هناك أيضا من تحدث أن الأستاذ المرشد طلب من المكتب الموافقة على تعيين الدكتور عصام نائبا ثالثا له طالما لم يوافقوا على تصعيده عضوا بالمكتب وأيضا رفض أعضاء المكتب هذا الطلب ، هل هذا صحيح ؟ وهل حدث هذا بالفعل ؟
الدكتور حبيب نفى ذلك نفيا قاطعا وقال أن هذا لم يحدث .
----------------------------------
السؤال الثاني : وهو الأهم : ماذا نتعلم ؟؟؟
1- أن أدائنا الإعلامي سيء للغاية وهو ما أدى إلى اعتماد الكثيرين على أي مصدر آخر للمعلومات غير إخوان أون لاين رغم أنه من المفترض أنه الموقع الرسمي للجماعة ، وبالمناسبة لم يكن يضيرنا في شئ أن نعلن أن هناك خلافا بالفعل وأن الأستاذ المرشد لا يستطيع أن يخالف ما اتفقت عليه الشورى حتى ولو كان هو المرشد العام .
2- أن هناك الكثير من الجاهلين المنتسبين للجماعة بالفعل والذين يجهلون تماما كل القواعد الإدارية والتنظيمية التي تحكم الإخوان والتي تضبط إجراءات التصعيد والانتخابات وما شابه ، ولكن إحقاقا للحق أيضا .. مسئولية هذا الجهل لا تقع على عاتق هؤلاء الشباب وحدهم وإنما تقع أيضا على مؤسسات الجماعة الرسمية التي تعتبر اللائحة سرا عسكريا لا يجوز التحدث عنه على الملأ ، وتعتبر الانتخابات سرا عسكريا خائن لجماعته من يفشيه أو يعلنه .
أنا كتبت من قبل على الفيسبوك أتسائل : لماذا لا أسمع عن انتخابات مجلس شورى الجماعة إلا من الجرائد ؟ وأجابني أحدهم : لأن سمعك ثقيل .
والآن أنا أتحدى أن يأتيني واحد من الناس باللائحة التي يتم تطبيقها الآن داخل الجماعة بشرط أن تكون من مصدر موثوق تعترف به مؤسسات وأقسام الجماعة وفي نفس الوقت يمكن لأي شخص من داخل الإخوان أو خارجها أن يصل إليها .
بكل وضوح لن تجدوا لائحة بهذا الشكل ، بل حتى لن تجدوا لائحة من مصدر غير موثوق ، وكل ما يمكن إيجاده في هذا المجال هو اللائحة القديمة التي تم إقرارها أيام الأستاذ المستشارحسن الهضيبي عليه رحمة الله سنة 1954 والتي توقف العمل بها من زمن طويل .
ما زلت أتحدى أن تخرج اللائحة ... وأرجو وأتمنى من كل قلبي من الله عز وجل أن أخسر هذا التحدي .
3- أثبتت هذه الأزمة بالفعل انه يسهل جدا أن يتلاعب بقراراتنا أي أطراف خارجية وأعني بالخارجية هنا كل من ليس معنيا بإصدار القرارات ... ببساطة .. لو أن أحدهم أراد أن يمنع الدكتور العريان من التصعيد للمكتب فما عليه إلا أن يقوم بإرسال بعض رسائل SMS للقيادات وللإعلاميين يطالبهم فيها بأن يضغطوا من أجل تصعيد الدكتور عصام لتكون النتيجة ... معاندة من مكتب الإرشاد - أو هكذا قيل وإن كنت أرفض هذا التفسير - ورفض لتصعيد العريان لأن "مش شوية عيال اللى هيلووا دراعنا" .
على أي حال ليس هذا هو المثال الذي أردت أن أدلل به على التلاعب في قراراتنا وحتى في عقولنا ، بل هناك مثال آخر أوضج من ذلك :
على منتدى شباب الإخوان موضوع : عنوانه : استقيلوا يرحمكم الله .
كاتبة هذا الموضوع : بنت اسمها : حرة وأفكر ... أنا شخصيا لا أصدق أنها بنت اصلا وتفكيري كله في اتجاه واحد أن العضوية هي لمخبر غبي في أمن الدولة .
الموضوع يتحدث عن مؤامرات الدكتور محمود عزت أمين عام الجماعة وباقي القيادات لمنع تصعيد العريان ويتحدث عن المنهج الإقصائي للإصلاحيين الجدد ، وتخاريف أخرى من هذا القبيل .
حينما ينزل هذا الموضوع على منتدى شباب الإخوان فهذه أزمة ، وحينما أصف هذا الكلام بالسخافة والجهل فأجد من يطالبني بالأحترام والالتزام بأدب الحديث فهذه هي المشكلة .
المشكلة أننا لا ينبغي أبدا أن نسمح لأحد أن يتحدث بهذا الأسلوب الغبي عن أي شخص من الإخوان حتى وإن اختلفنا معه ، وبالمناسبة أنا لا أقول ان من نصحني بأدب الحوار فعل ذلك ليستغل الفرصة ويتشفى في الدكتور عزت ، بل أنا أنفي هذا المعنى تماما ، وإن كان الأمر أننا نحتاج إلى مزيد من الفهم لأصول الحوار ومتى يكون الأدب مطلوبا ومتى يكون الجهر بالسوء من القول مطلوبا .
قال الله عز وجل : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظـُلم
والشيخ محمد الغزالي رحمه الله حين كان يتحدث عن قول الله عز وجل : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة كان رحمه الله يقول - وهذا هو ما أختم به - :
وأحيانا قد يكون من الحكمة ....
.... ضرب النعال
هناك 8 تعليقات:
ولكن ،
من ستضرب بالنعال
حبيبي عبد الرحمن :
إجابة سؤالك تفهمها من هذه الجملة :
... وإن كان الأمر أننا نحتاج إلى مزيد من الفهم لأصول الحوار ومتى يكون الأدب مطلوبا ومتى يكون الجهر بالسوء من القول مطلوبا .
بص بقه .. عاوز اقول لك الله عليك ..
كلام من الاخر ..
ربنا يقدرنا يارب اننا نقدر نغير واقع جوانا غلط علشان نقدر نغيير واقع بره غلط :)
إيه ده إيه ده ....
العسكري عتريس بحاله عندنا مرة واحدة ...
وكمان عاجبه الكلام ....
ده إيه الهنا اللى أنا فيه ده ؟
عقبالك يا سحس (*_*)
بس متتعودوش على كده كتير يعني
بس علشان تكونوا واخدين بالكم
دي حاجة كده بتيجي كل سنة مرة .
ياريت بلاش الفلسفة وتهويل الأمور والكلام الكبير فى حاجة صغير خالص
وماتزعلش منى بلاش تصنع للمواقف
هل من المعقول ان تفبرك اكثر من 3 جرائد خبر الاستقالة ؟
مستحيل
الدستور , الشروق , مصراوى
و اليوم السابع و ان كانت اقلهم مهنية و دقة
ما قرأته فى الدستور :
استقالة مرشد الإخوان
ثم و هذا هو الأهم
ضغوط داخلية أدت إلى (((تراجعه))) الشفهى بعد ساعات عن الاستقالة
اذا فى الصحفى الشاب الذى تقصده لم يقل استقالة و يصمت بل اضاف انه مازال المرشد للجماعة و الامر لم يستمر كثير الا و اقنعه احدهم بالعدول عن رأيه
و عموما لا أرى اى خطر او مشكلة فى الاستقالة من عدمها او حتى الاختلاف فى الاراء داخل المنيل
عبد العزيز يوسف :
حبيبي : أنا لا أرى أن ما كتبته فيه أي تهويل ، وفي نفس الوقت لا أقبل بالتهوين الذي يؤدي إلى تجاهل ما يحدث .
الجملة الأخيرة أنا أصلا مش فاهمها .
----------------------
mido
لو حدثت استقالة فأعتقد أن الإخوان لم يكونوا سيجدون حرجا في الإعلان عنها .
ولكن أنا - وبكل وضوح - أثق في الإخوان حين يعلنون أن المرشد لم يستقل وأن الأمر كله لا يتعدى الخلاف في وجهات النظر .
وكما قلت : لا توجد أصلا مشكلة عند الإخوان في الخلاف أو حتى في استقالة الأستاذ المرشد .
جزاكم الله خيرا
إرسال تعليق