مقدمة
النقد العلني الصادر من أفراد الإخوان والموجه ضد قرارات الإخوان وتوجهاتهم ( وأحيانا ضد بعض رموز الإخوان وقياداتهم ) ... هذا النقد صار قضية تطرح نفسها بقوة خصوصا بعد الأحداث السياسية الأخيرة والمثيرة : انتخابات المحليات ، إضراب 6 أبريل ، إضراب 4 مايو وغيرها ، المحكمة العسكرية ، ... وغير ذلك من الأحداث الهامة والمؤثرة والتي كان للجماعة صلة مباشرة بها .
هذه القضية متشعبة بشدة لأنها تحمل آراء عديدة ووجهات نظر مختلفة وكل طرف من الأطراف الكثيرة يدعي أنه على صواب .
وهذه السلسلة ليس الهدف منها هو وضع حلول لهذه القضية بقدر ما هو توضيح لوجهات النظر المختلفة لجميع الأطراف لأن حل هذه القضية يحتاج إلى تدخلات واضحة وصريحة من الجماعة بتأييد إحدى وجهات النظر ليكون هذا التأييد القرار النهائي والحكم الفاصل في هذه القضية ولكن حتى يصدر مثل هذا القرار يبقى من حق الجميع أن يناقش هذه القضية ويدلي بدلوه فيها والحديث هنا عن هذه القضية سوف يكون من خلال أربعة عناصر رئيسية في حلقات متتالية بين كل حلقة والأخرى أسبوع على الأقل حتى نعطي مجالا أكبر للنقاش والحوار .
العنصر الأول : مفاهيم أساسية عند الكاتب .
العنصر الثاني : التجمعات الفكرية لمدونات الإخوان .
العنصر الثالث : ملاحظات حول الوضع الحالي لمواقف الإخوان من النقد العلني .
العنصر الرابع : ضوابط مقترحة للنقد العلني .
العنصر الأول : مفاهيم أساسية عند الكاتب
1- أنا لا أعترف بما يسمى بمدوني الإخوان المسلمين لأن هذه التسمية توحي بوجود تنظيم هيكلي يضم كل المدونين الذين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين وهذا لا يمنع أن هناك مدونون من الإخوان المسلمين أي أن الأفراد المدونون ينتمون فكريا وتنظيميا إلى جماعة الإخوان المسلمين ولكن مجازا واختصارا للحديث سوف نشير إلى المدونين من الإخوان باسم مدوني الإخوان .
2- أي تقييم أو إحصائيات أو ملاحظات موجودة في هذه السلسلة هي خاصة بي وهي اجتهاد شخصي مني قابل للصواب وقابل للخطأ ولا يمكن فرض أي منها على الآخرين .
3- هذه السلسلة تسعى لعرض وجهات النظر المختلفة مع اعتبار أن للكاتب رأي في هذه القضية ربما يظهر أثره بين السطور وهو أن الكاتب يؤيد حق الإخوان في النقد العلني ولذلك أنا أعلن من البداية أن هذه السلسلة ربما لا تكون حيادية بشكل كامل وإن كنت سوف أجتهد أن أكون حياديا قدر الإمكان .
4- هذه السلسلة لها عناصر وحلقات لذلك نرجو من الإخوة القراء مراعاة عدم التعليق إلا على العنصر الذي تتم مناقشته دون استباق للأحداث وبعد أن ننهي الحلقات سوف نتيح المجال لمن يريد الإضافة أو التعقيب على كامل الموضوع .
العنصر الثاني : التجمعات الفكرية لمدونات الإخوان
من الملاحظ الآن أن مدوني الإخوان الآن صاروا يتجمعون في ثلاثة تجمعات فكرية أو ما يمكن أن نطلق عليها ثلاثة مدونات فكرية متمايزة تختلف عن بعضها البعض في الصفات ، وهذه المدارس المختلفة لا يجمعها تنظيم واحد بمعنى أن كل ما يربط بين المنتسبين لهذه المدارس هو الالتقاء الفكري والاتفاق على نقاط محددة دون تنسيق مسبق وكذلك من الملحوظ أن الكثيرين من المنتسبين لهذه المدارس الثلاث على اختلافها لا يجمعهم سوى الالتقاء الفكري بعيدا عن التنفيذ العملي بمعنى أنه ربما يؤيد البعض حق الأفراد في النقد العلني لكنه في نفس الوقت لا يمارس هذا النقد . وهذه المدارس الثلاث هي :
مدرسة أنصار النقد العلني .
مدرسة معارضو النقد العلني .
المدرسة الحيادية .
أولا : مدرسة أنصار النقد العلني :
والمنتسبون لهذه المدرسة يرون أن حق النقد العلني لسياسات وتوجهات الإخوان هو حق أصيل لكل الناس بما فيهم أعضاء الجماعة نفسها ، وإذا كانت الجماعة ( كمؤسسة ( تعلن في كل وقت أن باب الجماعة مفتوح لكل من يريد التعقيب على قرارات الجماعة وأن الجماعة تقبل النقد البنّاء أيا كان مصدره فإن من الأولى للجماعة أن تقبل النقد من أفراد الجماعة أنفسهم .
ومن أبرز من يمثلون هذه المدرسة وينتسبون إليها الدكتور مصطفى النجار مؤسس التجمع الأكثر بروزا وتنظيما للمنتقدين للإخوان بشكل علني وهي مدونة أمواج في بحر التغيير .
ثانيا : مدرسة معارضو النقد العلني :
والمنتسبون لهذه المدرسة يرون أن هذا النقد العلني خطأ وليس من حق الأفراد القيام به والأسباب التي بنى عليها المنتسبون لهذه المدرسة رؤيتهم أسباب واضحة ومحددة وسوف نتحدث عنها بالتفصيل فيما بعد .
ومن أبرز المؤسسين والمتحمسين لهذه المدرسة الأخ أحمد القبرصي وهو الأخ المؤسس لمدونة قبل أن يخرقوا السفينة وهو يستمد اسم المدونة ومنهجها من حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري بسنده عن النعمان بن البشير رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ {مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا . فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا } .
ثالثا : المدرسة الحيادية :
والمنتسبون لهذه المدرسة يرون باختصار أن الموقف الأفضل على الإطلاق هو موقف اللا موقف فيرون عدم اتخاذ موقف محدد من هذه القضية ( سواء بالتأييد أو المعارضة ) ومن الغريب أنه رغم أن التدوين في حد ذاته يعبر عن نوع من الفاعلية والحركية العالية عند المدون إلا أن العدد الأكبر من مدوني الإخوان ينتسبون لهذه المدرسة مما يعبر ربما عن حالة الخمول أو السلبية من بعض الإخوان تجاه أمور وشئون الإخوان الداخلية وربما يكون الكثيرون من المنتسبين لهذه المدرسة يناقشون بالفعل قضايا الإخوان وقراراتها المختلفة ولكن داخل مؤسسات وأقسام الجماعة ولا يشغلون أنفسهم بالحديث عن مثل هذه الأمور بشكل علني رغم أن كثيرين منهم يناقشون وبفاعلية كبيرة القضايا العامة التي تخص الأمة كلها وفي كل المجالات وليس فقط في المجال السياسي وربما يكون لبعضهم أيضا رأي في قضية النقد العلني سواء بالتأييد أو الرفض ولكنه لا يعلن هذا الرأي مما يدفع المتابع إلى أن يضعه من ضمن هذه المدرسة .
والأسئلة التي تطرح نفسها بقوة الآن : هل هذه التجمعات التي ذكرناها هي الأقرب للتعبير عن واقع مدوني الإخوان ؟ أم أن هناك واقعا آخر لم نستطع رؤيته ؟ وهل هذه القضية ( قضية النقد العلني ) تستحق كل هذا الاهتمام ؟ أم أن الأمر هين وهناك من القضايا ما هو أولى بالانشغال به ؟
وتساؤلات خاصة لمدوني الإخوان ( إخوان وأخوات طبعا ) : هل ترى نفسك منتسبا لأي مدرسة من المدراس المذكورة ؟ أم أنك من البداية ترفض مثل هذا التقسيم ؟
في الحلقة القادمة نتحدث عن العنصر الثاني لهذه السلسلة
ملاحظات حول الوضع الحالي لمواقف الإخوان من النقد العلني
حتى نلقاكم :
دمتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحديث : تم إغلاق باب التعليقات انتقلنا إلى الحلقة الثانية ... تابعونا هناك .