نماذج من النقد العلني :
هذه النماذج الهدف من ذكرها تأكيد مفهوم أن النقد العلني للأخطاء لايعني أبدا التقليل من قيمة الأشخاص :
أكتفي بموقفين فقط :
الموقف الأول من القرآن الكريم :
قال تعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) } ( سورة عبس 1: 10 ) .
هذه الآيات تنتقد موقف شخص محدد ( هو النبي صلى الله عليه وسلم ) حينما تجاهل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى وأراد أن يخاطب سادات قريش لعلهم يسلمون فلذلك عاتبه الله عز وجل .
ولا يمكن أن نقول ان بقاء هذه الآيات في القرآن دون نسخها فهيي تُقرأ إلى قيام الساعة فيه تقليل من قيمة النبي صلى الله عليه وسلم .
الموقف الثاني من السنة النبوية :
ما رواه الإمام مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى أَبِى شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِىِّ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الأَكْبَرِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا ».
لو أن أبا ذر يرى في انتقاد النبي صلى الله عليه وسلم له ووصفه له بأنه ( ضعيف ) لو أنه يرى ذلك انتقاصا من حقه فهل تراه كان سيروى هذا الحديث ليصل لنا اليوم بعد ألف وأربعمائة سنة تقريبا ؟
أنا فقط أود أن أؤكد أن هذا النقد لا يقلل على الإطلاق من قيمة الأشخاص ولكنه يسعى إلى الوصول إلى الصواب .
حتى يتم حل هذه القضية الشائكة حلا يرضي جميع الأطراف فإنني أرى أن من الأفضل أن يتفق الإخوان المنتقدون علنيا على ميثاق شرفي يحاسب كل أخ نفسه عليه وفي هذا الميثاق تكون ضوابط النقد العلني التى يحرص كل أخ على عدم تجاوزها ، وربما تكون السطور القادمة بعض ملامح هذا الميثاق .
1- النقد البناء :
بمعنى ان يكون النقد موضوعيا موجها إلى قرارات الإخوان بعيدا عن الطعن في الأشخاص أيا كانت مراكزهم .
2- الالتزام بآداب الإسلام :
ينبغي أبدا ألا ننسى أننا مسلمون ينبغي علينا أن نحرص على الالتزام بآداب هذا الإسلام في الحوار والحديث عن الأشخاص في غيابهم .
3- مراعاة الخصوصيات :
بعض المعلومات قد تكون شأنا داخليا يخص الجماعة وحدها فينبغي على الأخ الناقد أن يحرص على التفريق بين ما هو عام يمكن الحديث فيه على الملأ وبين ما هو خاص لا يجوز نشره والحديث عنه على الملأ ومن الأمثلة على هذه الأمور الخاصة التي قد يتسبب نشرها في ضرر للأفراد أو للجماعة : ( أسماء المسئولين - خطط وأعمال لم تنفذ بعد - مواعيد أعمال لم يتم تنفيذها بعد - ..... ) فإفشاء مثل هذه المعلومات ليس له إلا مسمى واحد وهو : خيانة الأمانة .
4- مراعاة الحيادية قدر الإمكان :
بمعنى ألا تتحول الخلافات الشخصية بين افراد داخل الإخوان إلى انتقادات موجهة للجماعة دون موضوعية في هذا النقد .
5- الحرص على تقديم الحلول قدر الإمكان :
فالنقد للخطأ هو نصف الحل وبقية الحل يكمن في طرح الوسائل العملية لإصلاح هذا الخطأ ، وإن كان هذا لا يعني أن يرفض الإخوان الاستماع لهذا النقد طالما لم يكن معه حل جاهز .
6- الثقة في القيادة :
والثقة في القيادة لا تعني الثقة في أن كل قرارات هذه القيادة على صواب وإنما تعني أن هذه القرارات كلها قررات مؤسسية وليست فردية وكلها قرارات صادرة عن شورى وليست ديكتاتورية . وإن كان هذا لا يمنع أنه بعد كل هذا فإن هذه القرارات قابلة للصواب والخطأ وبالتالي قابلة للنقد .
7- الحرص على استغلال الوسائل الإدارية الداخلية للنقد :
عن طريق الأخ مسئول الأسرة أو مسئول الشعبة أو حتى مسئول المكتب الإداري ، وكلما كان الكلام مكتوبا كلما كان أفضل ، وكلما طلبت ردا مكتوبا على ما أرسلته كلما كان أفضل .
الآن انتهينا من الحديث عن هذا الموضوع ونسعد بتلقي تعليقاتكم على كل الموضوع وإن كان عندكم من إضافات فنحن نفرح بها بشدة .
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه النماذج الهدف من ذكرها تأكيد مفهوم أن النقد العلني للأخطاء لايعني أبدا التقليل من قيمة الأشخاص :
أكتفي بموقفين فقط :
الموقف الأول من القرآن الكريم :
قال تعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) } ( سورة عبس 1: 10 ) .
هذه الآيات تنتقد موقف شخص محدد ( هو النبي صلى الله عليه وسلم ) حينما تجاهل عبد الله بن أم مكتوم الأعمى وأراد أن يخاطب سادات قريش لعلهم يسلمون فلذلك عاتبه الله عز وجل .
ولا يمكن أن نقول ان بقاء هذه الآيات في القرآن دون نسخها فهيي تُقرأ إلى قيام الساعة فيه تقليل من قيمة النبي صلى الله عليه وسلم .
الموقف الثاني من السنة النبوية :
ما رواه الإمام مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى أَبِى شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنِى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِىِّ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الأَكْبَرِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا ».
لو أن أبا ذر يرى في انتقاد النبي صلى الله عليه وسلم له ووصفه له بأنه ( ضعيف ) لو أنه يرى ذلك انتقاصا من حقه فهل تراه كان سيروى هذا الحديث ليصل لنا اليوم بعد ألف وأربعمائة سنة تقريبا ؟
أنا فقط أود أن أؤكد أن هذا النقد لا يقلل على الإطلاق من قيمة الأشخاص ولكنه يسعى إلى الوصول إلى الصواب .
ضوابط مقترحة للنقد العلني
حتى يتم حل هذه القضية الشائكة حلا يرضي جميع الأطراف فإنني أرى أن من الأفضل أن يتفق الإخوان المنتقدون علنيا على ميثاق شرفي يحاسب كل أخ نفسه عليه وفي هذا الميثاق تكون ضوابط النقد العلني التى يحرص كل أخ على عدم تجاوزها ، وربما تكون السطور القادمة بعض ملامح هذا الميثاق .
1- النقد البناء :
بمعنى ان يكون النقد موضوعيا موجها إلى قرارات الإخوان بعيدا عن الطعن في الأشخاص أيا كانت مراكزهم .
2- الالتزام بآداب الإسلام :
ينبغي أبدا ألا ننسى أننا مسلمون ينبغي علينا أن نحرص على الالتزام بآداب هذا الإسلام في الحوار والحديث عن الأشخاص في غيابهم .
3- مراعاة الخصوصيات :
بعض المعلومات قد تكون شأنا داخليا يخص الجماعة وحدها فينبغي على الأخ الناقد أن يحرص على التفريق بين ما هو عام يمكن الحديث فيه على الملأ وبين ما هو خاص لا يجوز نشره والحديث عنه على الملأ ومن الأمثلة على هذه الأمور الخاصة التي قد يتسبب نشرها في ضرر للأفراد أو للجماعة : ( أسماء المسئولين - خطط وأعمال لم تنفذ بعد - مواعيد أعمال لم يتم تنفيذها بعد - ..... ) فإفشاء مثل هذه المعلومات ليس له إلا مسمى واحد وهو : خيانة الأمانة .
4- مراعاة الحيادية قدر الإمكان :
بمعنى ألا تتحول الخلافات الشخصية بين افراد داخل الإخوان إلى انتقادات موجهة للجماعة دون موضوعية في هذا النقد .
5- الحرص على تقديم الحلول قدر الإمكان :
فالنقد للخطأ هو نصف الحل وبقية الحل يكمن في طرح الوسائل العملية لإصلاح هذا الخطأ ، وإن كان هذا لا يعني أن يرفض الإخوان الاستماع لهذا النقد طالما لم يكن معه حل جاهز .
6- الثقة في القيادة :
والثقة في القيادة لا تعني الثقة في أن كل قرارات هذه القيادة على صواب وإنما تعني أن هذه القرارات كلها قررات مؤسسية وليست فردية وكلها قرارات صادرة عن شورى وليست ديكتاتورية . وإن كان هذا لا يمنع أنه بعد كل هذا فإن هذه القرارات قابلة للصواب والخطأ وبالتالي قابلة للنقد .
7- الحرص على استغلال الوسائل الإدارية الداخلية للنقد :
عن طريق الأخ مسئول الأسرة أو مسئول الشعبة أو حتى مسئول المكتب الإداري ، وكلما كان الكلام مكتوبا كلما كان أفضل ، وكلما طلبت ردا مكتوبا على ما أرسلته كلما كان أفضل .
الآن انتهينا من الحديث عن هذا الموضوع ونسعد بتلقي تعليقاتكم على كل الموضوع وإن كان عندكم من إضافات فنحن نفرح بها بشدة .
جزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك 6 تعليقات:
ممممم
موضوع مميز
نتمنى استمرار الحلقات
بجد حلقات مميزه
وفقكم الله دائما ياااارب
السلام عليكم انا شايف انك معاك حق ولازم يكزن فيه اسس لكل شيء في حياتنا مش النقد بس
تقبل مروري
الحرص على استغلال الوسائل الإدارية الداخلية للنقد "
لو تم اتباع هذه الطريقة ـ وهى عين العقل ـ لن يكون اذاً نقداً علنياً ,, سيكون نقداً داخلياً سرياً .. وهو أفضل على كل الاحوال ـ
صح .. والا فى حاجة انا مش فاهمها ؟؟
عموماً .. الضوابط المذكورة جيدة جداً ونتمنى ان تصل الى الجميع ليلتزموا بها
وفقك الله .. تقبل تحياتى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أخي الكريم : حسام يحيي :
لكل شيء إذا ما بدأ من نهاية .
أخي الكريم : حسن حنفي :
نورت المدونة وسعيد بوجودك وبتعليقك الذي أتفق معك فيه .
أخي الكريم : ابن المبارك :
بالفعل لو اتبع الوسائل الداخلية الإدارية للنقد فلن يكون هذا نقدا علنيا .
أتفق معك في هذا ولكن أنا لا أعنى بذلك أن يمتنع الأخ عن الانتقاد علنيا ولكن ما أعنيه بذلك هو أن لا يكتفي الأخ بالنقد العلني فقط ولا يحاول الوصول لخطوة " جدية " لتحقيق إصلاح لهذا الخطأ الذي ينتقده .
أعتقد أن الأمر قد اتضح .
جزاكم الله خيرا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لو لاحظت يامصعب هتلاقي اسئلة مهمة جدا تنقص الموضوع اولا من له الحق في النقد العلني؟؟ ثانياوما الفرق بين النقد العلني والمعارضه العلنيه والخلاف العلني؟؟
اولا لو لاحظت وجه الشبه بين الايه الكريمه والحديث الشريف ان المنتقد هنا هو الاعلي درجه من وجهة نظر الجميع فلم يكن يصح ابدا في موقف الحديث ان يقوم احد الصحابه رضي الله عنهم ويتكلم نيابه عن الرسول صلي الله عليه وسلم وينتقد بدلا منه والا يختل النظام وتتشابك الادوار ولكن يمكن ان يختلف احدهم مع الرسول صلي الله عليه وسلم في الرأي ويدلي باقتراح ما كما في غزوة بدر
فليس كل من يطبق هذه الضوابط يقوم بالنقد اللذي اشرت اليه فنحن لم نسمع ان في موقف الحديث كان ت هناك اصواتا غير رسول الله تقول اتركها فأنت ضعيف....او ما الي ذلك!!!!!!!ولو كان الامر هكذا لكانت كارثه
الضوابط جيدة
شكرا لك يا أبا اسامة
إرسال تعليق