الاثنين، سبتمبر 27، 2010

وهناك طرق أخرى للتعامل

وهناك طرق أخرى

1

حديث يتصل ...

ما زال الحديث متصلا حول قضية كاميليا شحاته وموقف الإخوان منها ، وإن كان صمت الإخوان الرسمي تجاه الحدث ، وامتناعهم عن التعليق عليه له مبرراته التي تفرضه ، والتي ناقشناها في مقال سابق ، إلا أن هذا الصمت وهذه المبررات لا تعني أن هذا كان الخيار الأمثل لدى الجماعة ، بل كانت هناك طرق أخرى يمكن أن يتعامل بها الإخوان مع الحدث ، سواء على المستوى السياسي ، أو الإعلامي ، أو حتى داخل الجماعة .

وقضية كاميليا شحاتة شأنها شأن عشرات القضايا السياسية الأخرى التي يكتفي فيها الإخوان بموقف المتفرج وهو ما يتعارض مع ما يدعو إليه الإخوان نفسهم من الإنفتاح على المجتمع .

وقبل أن أخوض في هذه القضية لابد من التأكيد على نقطة جوهرية ، ومحورية ..

2

ليس ضروريا

يكون من الخطأ أن نلزم كل من ينتقد أو ينبه إلى موضع خلل أن يقدم طريقة للحل ، أو لإصلاح هذا الخلل ، فقد تنتهي حدود معرفته وعلمه أو إمكاناته البشرية عند الانتباه إلى هذا الخلل ، وليس شرطا أو واجبا عليه أن يضع طريقة لعلاج هذا الخلل .

نعم قد يكون من المفيد أن من ينتقد يقدم رؤيته للعلاج ، لكن لا يقلل من قيمته ، أو يحط من مستوى كلامه أنه لم يضمن نقده طريقة للعلاج .

------------

وحتى لا نذهب بعيدا ، فقضية كاميليا شحاتة كان هناك العديد من الطرق التي يمكن للجماعة من خلالها أن تتعامل مع القضية ، وفي نفس الوقت تحافظ على التوازنات المطلوبة .

3

التغطية الإخبارية

من الغريب أن يهتم موقع "إخوان أون لاين" (الموقع الرسمي للجماعة ) بأخبار الاختناقات المرورية ، ولا يهتم الموقع بنشر أي خبر عن مظاهرات عدة انطلقت من أمام مساجد رئيسية في القاهرة (مسجد الفتح في رمسيس ، ومسجد عمرو بن العاص ) وفي الاسكندرية (مسجد القائد إبراهيم) .

كانت التغطية الإخبارية للحدث بكل تفاصيله الشعبية والقانونية والسياسية ، فرصة للمشاركة في الحدث ، وفي نفس الوقت لا يوجد موقف رسمي محدد للجماعة يمكن أن تلام عليه .

4

إبراز الجهود

من تقدموا بطلبات الإحاطة لوزير الداخلية عن اختفاء المواطنة المصرية كاميليا شحاتة زاخر .. كانوا من نواب الإخوان المسلمين في مجلس الشعب .

ومن تقدموا بالبلاغات إلى النائب العام حول اختفاءها .. كان من بينهم محامون كبار من الإخوان المسلمين .

وعلى رأس من تحدثوا في هذه القضية .. الشيخ السيد عسكر ، والأستاذ وجدي غنيم .. من دعاة الإخوان .

ورغم ذلك لم تنجح جماعة الإخوان في إبراز هذه الجهود ، والسبب غياب التغطية الإعلامية لهذه التحركات .

5

البيان الرسمي

كان بإمكان جماعة الإخوان المسلمين أن تصدر بيانا رسميا حول الأمر الوحيد المؤكد في هذه القضية (والذي كان وما زال مؤكدا حتى بعد الفيديو المزعوم الذي نشرته جريدة اليوم السابع ) ، وهذا الأمر هو الاحتجاز غير القانوني لمواطنة مصرية .

كان بإمكان الجماعة أن تصدر بيانا رسميا أو تصريحا صحفيا حول هذه النقطة ، دون الخوض في تفاصيل إسلامها من عدمه .

6

توعية الصف

لو صح أن امرأة أسلمت فليس من المقبول أن يمر الحدث وكثير من أفراد بل ومسئولي الإخوان لا يعلمون من هي كاميليا شحاته .

وبشكل عام لم يعد من المقبول أن يبقى أفراد الإخوان شيبا وشبابا بعيدين عن واقع المجتمع الذي يريدون إصلاحه .

إنه لابد أن يكون الجميع على يقين أن أولى خطوات الإصلاح هي إدراك الواقع ، وقراءته قراءة صحيحة ، ولا يكفي هنا أن تكون قراءة القيادة للواقع قراءة صحيحة ، بل يجب أن تتحقق هذه القراءة الصحيحة للواقع في كل أفراد الإخوان خصوصا من يتعاملون منهم مباشرة مع الناس في الشارع ، بل لا أكون مبالغا لو قلت أن الأفراد الذين يتعاملون مع الناس في الشارع مباشرة أولى بالرؤية الصحيحة ، والقراءة الصحيحة للواقع من قيادات الإخوان ، لأن هذا الأخ هو صورة الإخوان عند رجل الشارع وعند عامة الناس .

7

التربية والذاتية

رغم أنه دور ليس له علاقة مباشرة بقضية كاميليا شحاتة إلا أننا نعيد القول أن منهج التربية القائم داخل الجماعة حاليا يحتاج إلى مراجعة عاجلة وشاملة وضرورية ، تهدف إلى إنتاج أفراد يُعملون عقولهم ، ويتحركون بذاتية ، ولا ينتظرون تكليفات القيادة في كل وقت وحين .

وحين يتواجد سلوك الذاتية في عقول ونفوس أفراد الإخوان ، حينها فقط لن تحتاج الجماعة إلى كثير جهد لتكون متواجدة تواجدا حقيقيا وليس إعلاميا فقط في كل القضايا المثارة عند رجل الشارع المصري .

8

وأخيرا ...

وأخيرا لابد أن نقر أنه من الطبيعي أن نختلف حول جدوى كل وسيلة من الوسائل السابقة .

ولابد أن نقر أن المجال في الوسائل وآليات التنفيذ مفتوح للجميع .. يدلي كل واحد فيه بدلوه ، إلا أن طرفا في النهاية .. قد لا يشارك في هذا النقاش .. إلا أنه مسئول بالدرجة الأولى أمام الله عز وجل ، ثم أمام أفراد الإخوان وكل الناس عن التفاعل مع مثل هذه القضية ، والبحث عن الوسيلة الأمثل دائما للتعامل معها .

وهذا الطرف هو قيادة الجماعة بشكل عام ، والقسم السياسي بشكل خاص .. هذه وظيفتهم .. وهذه مسئوليتهم .. أن يتعاملوا مع مختلف القضايا .. دون انتظار لواحد من الناس ينتقد أن يملي عليهم واجباتهم .

ليست هناك تعليقات: